هل اخطأت اسرائيل بهجومها وأخطأ حزب الله بردّه؟
بعد الهجوم الاسرائيلي الدامي على موكب حزب الله في القنيطرة الذي ادّى الى استشهاد عدد من كوادره اضافة الى ظابط ايراني رفيع المستوى، وقيام حزب الله بالرد على هذا الهجوم بهجوم انتقامي مضاد على موكب عسكري اسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة، برز في الاعلام امران:
الامر الاول ان اسرائيل سارعت اعلاميا باعلان عدم معرفتها ان ظباطا ايرانيين كانوا في عداد موكب حزب الله وانه ليس بنيّتها من وراء الهجوم تصعيد الامور مع ايران
والامر الثاني ما ورد اعلاميا عن رسائل من حزب الله الى اسرائيل انه ليس بنيّته تصعيد الامور مع اسرائيل الى مواجهة شاملة وتأكيد السيد حسن نصر الله في خطابه بالامس هذا الامر وان كان بشكل غير مباشر حين قال ان حزب الله لا يريد الحرب لكنه لا يخشاها.
اذا كان الطرفان لا يريدان التصعيد فما الذي كان بالحسبان لدى اسرائيل عندما قامت بهجومها وما كانت حسابات حزب الله عندما قام بالرد على الهجوم بعد فترة وجيزة علما انه عندما اغتالت اسرائيل عماد مغنية الرجل الميداني الاهم في حزب الله تريث الحزب طويلا للرد على هذه العملية ؟
لن يوجد اي جواب مقنع لدى المحللين والاطراف انفسهم لان المنطقة كلها في غليان مجنون لا منطق فيه غير منطق القتل والقتل المضاد.
انما يمكن اعتبار ان ما قامت به اسرائيل ضد حزب الله قد يكون خطأ "مقصودا" لكنه متهورا باعتبار انه قد يؤدي الى فتح جبهة مباشرة مع حزب الله وايضا ايران في الجولان السوري.
ونفي اسرائيل علمها بوجود عسكر ايراني في موكب حزب الله غير منطقي لان مخابراتها العسكرية امهر من ان لا تعلم بهذا.
فلماذا اذاً قامت اسرائيل بهذا "الخطأ" وهي تتوقّع الرد من حزب الله وايران؟
ربما الجواب يكمن في ردّ حزب الله على هذا الهجوم! فهل اخطأ الحزب بالرد؟
ربما لا!
لأن هكذا رد وبهذه التقنية وبهذه السرعة لا يمكن الا ان يقوم بناء على حسابات مدروسة وتوقعات لاحتمالات كثيرة اهمها حرب شاملة تشنها اسرائيل على حزب الله في لبنان!
فهل حزب الله بنفس بالجهوزية الكاملة (كما يقول قادته وعلى راسهم الامين العام) لمواجهة اسرائيل عسكريا كما واجهوهها عام 2006؟
الظروف الميدانية اليوم اختلفت عن ما قبل، فحزب الله متورّط بحرب من نوع آخر مع مجموعات اسلامية متطرّفة مسلّحة ومجهّزة وقادرة على ان تنهك الحزب في لبنان كما تنهكه في سوريا.
خطأ حزب الله ليس في تقدير عواقب رده على اسرائيل، لكن ربما خطأه في الاستخفاف بالقوى المسلّحة الاخرى!
انما خطأه الاخطر والافدح يكون بعدم ايجاد وسيلة لكسب كل الشعب اللبناني في مقاومته لاسرائيل بعد فشله بكسب كل الشعب اللبناني في سياسته الداخلية مما ادى الى انقسام اجتماعي ومذهبي حاد عدا عن الانقسام السياسي الخطير الذي يمنع لبنان من مواجهة الهجمة الارهابية بتماسك حكومي، ويمنع الجيش اللبناني بالتعامل الحاسم مع الارهابيين، كما يمنع الاستقرار الداخلي ويمنع انتخاب رئيسا للجمهورية لايجاد التوازن المطلوب بالحاح بين الفئات اللبنانية المتناحرة.
الحكمة مع القوة ضرورة قصوى. والرجوع عن الخطأ فضيلة.
وحزب الله شاء ام ابى بأمس الحاجة اليوم واكثر من اي وقت مضى ان يكون بتصرّف لبنان وحكومته وجيشه وشعبه بكل اطيافه وليس العكس...
سامي الشرقاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق