24‏/04‏/2012

الامم المتحدة ترسل 300 كبش فداء الى سوريا


مضحك مؤلم مبكي قرار الامم المتحدة الاخير بإرسال 300 مراقب الى سوريا للاشراف على تنفيذ فريقا السلطة والمعارضة خطة عنان لوقف اطلاق النار.
كيف تستطيع منظمة دولية تريد ان تقنعنا بأنها حريصة على العدالة، أن توافق وبالاجماع على قرار كهذا، وتعرف مسبقا ان كل فرد من هذه المجموعة الصغيرة معرض ان يكون ضحية سلفا، لكي يُقتل ويبقى القاتل مجهولا وسط تبادل الاتهامات بين الفريقين.
لا يمكن ان يكون هذا القرار قد حاز على هذا القدر من الغباء او قلة نظر الذين يمثلوننا في هذا الصرح الدبلوماسي العالمي.
ولا بد ان يكون وراء كواليس هذا القرار نيات مبيتة....
فما هي هذه النيات؟
وماذا ينوي من بيدهم قرار الحل والربط دوليا وفي مقدمهم الولايات المتحدة وروسيا، من وراء السماح للاوضاع في سوريا ان تتفاقم الى هذا الحد الخطير؟
وكيف يسمح من هم يدّعون الحرص على الارواح....ان يرسلوا 300 موظفا بريئا في مهمة تكاد تكون نسبة ان تزهق ارواحهم في سوريا تصل الى مائة بالمائة.

لقد سبق وأن ارسلت الامم المتحدة الى لبنان في خضم الحرب الاهلية في ذلك البلد، قواتا اممية لحفظ الامن في ذلك البلد، والفصل بين المتقاتلين، ولم ينفع ذلك في انهاء الاقتتال او حفظ الامن، ولكن نجحت القوات الاممية في تثبيت الخطوط الفاصلة بين المتقاتلين لتبقى شاهد زور على القتال.
فهل هذه هي النية المبيّتة لسوريا؟
واذا كان كذلك، فما هي المدة المحدّدة للنزاع المميت في سوريا؟
ولكن قبل ان نلوم الامم الغريبة يجب ان نوجّه السؤال الى الاقرباء العرب وفي مقدّمهم السلطة السورية وطبعا الدول العربية المعادية للنظام السوري وايضا الموالية لهذا النظام.

قرأت لصديقة موالية للنظام السوري وللرئيس الاسد، مقالة تتحدث فيها عن اقتراب سوريا من حافة الحرب الاهلية، برغم التنازلات المتتابعة(كما وصفتها) للنظام والتي لم يكن في السابق يقبل حتى مجرد البحث فيها.
وتتحدث ايضا عن تآمر العديد من الدول، بنيّة التخلص من الدولة السورية بأكملها وليس فقط التخلص من النظام، وذلك بسبب (وفق رأيها) ان سوريا طالما لعبت في محيطها دورا يتجاوز قدراتها العسكرية وامكاناتها الاقتصادية، وطالما تمتعت هذه الدولة بهيبة المتفوق على الدول العربية برغم ان هذه الدول تفوقها قدرات معنوية ومادية.
وتمضي الصديقة كاتبة المقال لتقول وتحدد ان اعظم خطايا النظام في سوريا هو انه وحّد بين ذاته وبين الدولة، وبينه وبين "الحزب القائد" وبين الشعب واعتبر ان شخص الرئيس يختصر كل هؤلاء.
كلام الصديقة السورية بصفتها موالية للنظام يؤكد ان المشكلة اساسا هي في النظام، ويؤكد ايضا ان النظام جاد في حل المشكلة.
من جهة أخرى، فإن كلام المعارضة لا يختلف في المضمون، ولكن يختلف في الشكل واللهجة. ولكن مشكلة المعارضة في سوريا انها لا تستطيع ان تقف على كلمة واحدة موحدّة، وهذا مبرَّر لأن هناك اختلافات عميقة بين افرقاء المعارضة السورية في الفكر والعقيدة وحتى في اسلوب المعارضة نفسها.

أما دور الدول العربية المعارضة والموالية للنظام، فهي تعمل عن قصد او دون قصد الى تسعير الخلافات وتأجيجها وكأنها تضغط بكل قوة لكي تنشب حربا اهلية حقيقية في هذا البلد.

وطبعا وسط كل هذه التناقضات والصراعات، تبرز الامم المتحدة كالعادة لتكون الحكم والحل.
وكالعادة نرى ان الامم المتحدة غير متحدة فعلا.
وكالعادة نرى ان الصراعات والخلافات والاختلافات انتقلت ايضا الى اروقة وكواليس المنظمة العالمية، وكل امة من تلك الامم تسعى لكي يكون لها ربحاً من كل ما يجري في سوريا خصوصا وفي منطقة الشرق الاوسط عموما.

طالما اننا نضع اعناقنا ومستقبلنا ومستقبل اولادنا في ايدي حفنة دول غربية لا يهمها الا مصالحها، فلن يكون هناك لا امنا ولا استقرارا ولا حرية في اي بلد عربي. بل سيطبق الجهل اكثر، ويشتد التطرف اكثر، ويعم الفقر اكثر.

اما آن للأنظمة العربية الحاكمة ان تستخلص الدروس والعبر من التاريخ، وتخرج من اطر الاعتماد على القدرة الاجنبية لحل مشاكلنا.
أما آن الاوان ان تعرف الانظمة الحاكمة في بلادنا العربية، ان الشعوب العربية هي الثروة الحقيقية، وايضا الثورة الوحيدة التي يجب المحافظة عليها ورعايتها، كي تنتقل بها الى واقع افضل، عنوانه الحضارة والرقي والاستقرار الاجتماعي والسياسي.

300 مشروع ضحية تقدّمها الامم المتحدة لتنفذ فيها خطتها الجديدة لاقتحام جديد للمنطقة

صدق الشاعر
شرّعتم  لشرور الارض تلسعني       
بسياطٍ، جريده كفرٌ غُلِّف بإيمــانِ
بعث جحافلَ إرهابِه إبليسُ يسلبني      
كل ما أملك من أمنٍ وأمــــانِ
طاف على الــورى بلؤم يلعنني      
وأهدر دمي حتى صار طوفــانِ
كلّما قمتُ من ميتةٍ يبصقُني كفني               
الى ميتة أقسى. سئم الردى لقياني

سامي الشرقاوي

04‏/04‏/2012

اخوان مصر بين السلطة وفتنة العصر


عندما أسس حسن البنا عام 1928 جمعية الاخوان المسلمين في مدينة الاسماعيلية المصرية، كان الهدف من تأسيسها هو التمسك بالدين واخلاقياته. ولما انتقل نشاط الجمعية الى القاهرة بدأت باقتراح حلول للأزمات الاجتماعية والاقتصادية. وبعد عشرة اعوام من تأسيسها دخلت في دهاليز السياسة عندما انضمت الى حركة مصر الفتاة وأعلنت رفضها للدستور وللنظام البرلماني وطالبت بالقومية الاسلامية بديلا عن القومية المصرية.
ومنذ ذلك الوقت والأخوان المسلمون يلتزمون المعارضة السياسية بدأً بمعارضة حلفائهم الذين استلموا مقاليد حكم مصر بعد خلع الملك فاروق وجلاء بريطانيا عن البلاد.
فقد كان الاخوان المسلمون من الداعمين وبقوة ثورة 23 يوليو. واعتمد الظباط الاحرار على قاعدتهم الشعبية لتأمين الدولة ومواجهة الجيش البريطاني المحتل. وعندما حلّ مجلس قيادة الثورة الاحزاب السياسية استثنى جماعة الاخوان المسلمين باعتبارهم حركة دينية دعوية وانصارها لا يسعون للحصول على اي منصب سياسي، وفق خطاب قدّمه آنذاك مرشدهم العام حسن الهضيبي الى وزير الداخلية سليمان حافظ، مؤكدا ان الجماعة وانصارها لا يتعاطون العمل السياسي ولا يسعون لتحقيق اهدافهم عن طريق وسائل الحكم ومنها الانتخابات.
الا انهم سرعان ما وقفوا موقفا مغايرا لما اعلنوه، وطالبوا عبد الناصر بدفع ثمن دعمهم الثورة، وهو عرض كافة القوانين والقرارات التي سيتخذها مجلس قيادة الثورة قبل صدورها على مكتب الارشاد لمراجعتها والتأكد من مدى تطبيقها لشرع الله ومن ثم الموافقة عليها او رفضها.
طبعا رفض عبد الناصر دفع ذلك الثمن جملة وتفصيلا.
وردّا على رفض عبد الناصر، قام الاخوان بحراك شعبي يطالب بعودة العسكر الى ثكناته، واعادة الحياة النيابية الى البلاد. وتصاعدت المواجهة بينهم وبين عبد الناصر الامر الذي ادّى الى اعتقال العديد من قيادييهم. وتفاقمت الامور الى حد محاولتهم اغتياله وهو يلقي خطابا في ميدان المنشية بالاسكندرية في 26 اكتوبر عام 1954، غير انهم نفوا ذلك وادّعوا ان محاولة الاغتيال ما هي الا مسرحية فاشلة قام بها جماعة عبد الناصر لتوريطهم.
ومنذ ذلك التاريخ اعتبرت حركة الاخوان المسلمين في مصر حركة محظورة، وكان يسمح لها من فترة الى فترة بمزاولة نشاطات محدودة لا تؤثر على الوضع السياسي العام. غير ان العديد من رجالاتهم البارزين تم اعتقالهم ومنهم من تم اعدامهم، كان ابرزهم سيد قطب مفكر الجماعة عام 1966.
لكن ظلّ الاطار العام للاخوان المسلمين بخلفيته الدينية الجاذب الاكبر لعدد كبير من المصريين لتأييدهم والانخراط في صفوفهم وحتى المساهمة في تمويلهم. وظلّ هذا التمويل هو التمويل الوحيد المعلن رسميا من قبل الجماعة، برغم ما يشاع عن حصولهم على اموال سياسية داعمة من دول عديدة غربية وشرقية تختلف باختلاف المراحل السياسية والعسكرية التي مرّت على مصر.
وفي عهد انور السادات تم الافراج عن جميع المعتقلين السياسين من افراد الجماعة، وسمح لهم بمزاولة نشاطهم بحرية، الا ان ذلك لم يدم طويلا لاعتراضهم على سياسة الانقتاح الاقتصادي التي اتبعها السادات، والصلح الذي ابرمه مع اسرائيل عام 1977. فتم اعتقال العديد من افرادهم تحت ما سمّي يومذاك باجراءات التحفظ.
وبعد اغتيال السادات، قام الرئيس المخلوع حسني مبارك بفتح صفحة جديدة معهم. الا انهم قاموا بحركات معارضة لنظام مبارك وطالبوه بنقض الصلح مع اسرائيل وايضا بفك ارتباطه مع الدول الغربية المسيحية.
وفي عام 2005 خاضوا اول تجربة ناجحة للانتخابات البرلمانية بعد ثورة يوليو، رغم عدم اعترافهم بالنظام البرلماني، وحصدوا 88 مقعدا برلمانيا. وكان شعارهم هو تعزيز الحريات العامة بكل اشكالها، وتحقيق اكبر قدر ممكن من التماسك الاجتماعي، وتقوية الوحدة الوطنية ونزع فتيل التوترات الطبقية، والحفاظ على المساواة الكاملة وتكافؤ الفرص على قاعدة المواطنة الكاملة. كما تعهدوا بحماية "الضعفاء اجتماعيا كالمرأة والاقباط والاطفال".
بعد فوزهم بالمقاعد النيابية وبتناقض عجائبي اعلنوا رفضهم تولي المرأة والاقباط رئاسة الجمهورية المصرية.
وفي عام 2008 اعلنوا انهم لن يخوضوا الانتخابات الرئاسية عام 2011 حتى ولو حصلوا على الشروط القانونية لذلك. واذا اردنا ان نعذر تراجعهم عن هذا الاعلان، لأن الوضع اختلف مع قيام ثورة 25 يناير عام 2011 وخلع حسني مبارك من رئاسة الجمهورية، وتولي المجلس العسكري شؤون البلاد كفترة انتقالية. فكيف نجد لهم العذر بالتراجع عن اعلانهم مؤخرا بعدم ترشيحهم احد القياديين وهو رجل أعمال لرئاسة الجمهورية. وهم اساسا كانوا يتهمون حكومة حسني مبارك بأنها حكومة رجال أعمال، وتعهّدوا مرارا قبل واثتاء وبعد الانتخابات النيابية، بعدم خوض معركة رئاسة الجمهورية وآخر التعهدات اطلقها منذ أيام خيرت الشاطر نفسه مرشح الاخوان!

وكيف نجد لهم الاعذار بالتسبب عن قصد او غير قصد، بزعزعة ثورة 25 يناير والتسبب بمشاكل مع الشباب المصري، ووضع البلاد في مهب حرب طائفية بعد الفتنة التي وصلت حد الاشتباكات الدامية بين السلفيين والاقباط.
وكيف نجد لهم الاعذار، في اعلانهم التمسك باتفاقية كامب دافيد بين مصر واسرائيل، برغم عدائيتهم لاسرائيل واعلانهم الدائم بأن اسرائيل كيان صهيوني مغتصب، وهم الذين قاموا بحركاتهم المعارضة ضد نظامي السادات ومبارك بسبب الصلح المبرم مع اسرائيل.
وكيف يبررون ما أعلنه المرشد العام كما أعلن غيره من الممثلين لكافة القوى السياسية الإسلامية، أن كامب ديفيد لا تراجع عنها وان كان من الممكن تعديل بعض البنود، وهو مماثل لقول وزير خارجية مصر ما بعد الثوره نبيل العربي.
أليس مثل هذا القول رساله واضحة لإسرائيل وللقوى الدوليه بأنهم لن يأتوا لدمار الدوله العبريه؟
يجوز ان يوضع هذا الكلام في خانة الكلام السياسي، بمعنى استيعاب الغرب في الخارج لكسب تأييدهم للاسلاميين في الداخل.
ولكن يبدو ان التفاهم مع الغرب لم يقتصر فقط على اعلان عدم المس باتفاقية كامب دافيد. لان كل ما يقوم به الاخوان في مصر لغاية الآن يصب في خانة تفشيل ثورة 25 يناير بالكامل، عن قصد او عن غير قصد! وارجاع امور النظام في مصر الى ما كان عليه قبل الثورة ولكن بوجوه مختلفة.
واذا لم يكن كذلك فما معنى كل هذه التناقضات في سياستهم وافعالهم وتصرفاتهم؟
أيمكن ان يكون كسب العدد الاكبر من مقاعد البرلمان المصري والسيطرة على تشريع القوانين، هو الثمن الكافي الذي رضي به الاخوان في المرحلة الحالية؟
وهل يمكن أن يكونوا قد قبلوا بدورهم دفع ثمن اكبر للارادة الدولية، وهو ارجاع زمام السلطة الى ما كانت عليه من قبل وإن بوجوه جديدة؟
والا كيف يمكن ان يفسر المرء اعلان الاخوان مرشحا لرئاسة الجمهورية وهم يعلمون انه سيكون عنصرا مقسِّما لا جامعا؟ وأن ترشيحه سيفتت اصوات انصارهم ويعزز حظوظ المرشحين الغير اسلاميين وابرزهم عمرو موسى بعد أن أعلنه حزب الوفد (الذي لم يخض اصلا الانتخابات النيابية) مرشحا رئاسيا للوفد. وعمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية السابق، الذي هو اذا ثبت ترشيحه سيكون مرشحا للمجلس العسكري، أو يكون للمجلس مرشحا آخر يظهر على حين غفلة كمفاجئة انتخابية.
والاثنان هما وجهان آخران للنظام السابق وإن بعقليات وبرامج مختلفة.
وتبدو حظوظ محمد البرادعي معقولة اذا لزم الامر لامتصاص غضبة شعبية متوقعة من ترشيح عمر سليمان.
أما عبد المنعم ابو الفتوح المستقيل من جماعة الاخوان المسلمين، فهو يعلن انه يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية كفرد مستقل، لكنه لم يستطيع حتى الآن على الاقل ان ينزع عنه صبغته الاخوانية ويقنع من لا يؤيده انه فعلا استقل عن سياسة الاخوان وليس فقط من جمعيتهم. وبرغم محاولاته لحشد الشباب الثوري لتأييده الا ان التردد ما زال سيد القرار، خصوصا وانه يلمّح الى دور لمال سياسي يُضخّ ضده.
ويبدو أن حازم ابو اسماعيل وقع ضحية توافق اخواني سلفي ضده، واصبح على شفير الهزيمة المسبقة، برغم ضخه أموالا طائلة في معركته الانتخابية. وقد أعلن هو نفسه ان ضغوطا هائلة عليه يقاومها كي يتنازل لصالح مرشح الاخوان خيرت الشاطر.
ما يدفع الى الاعتقاد ان اخوان مصر سيكتفون بما حصلوا عليه في البرلمان المصري في المرحلة الحالية، هو هذا التناقض العجيب في برامجهم السياسية. وهذا التناقض ليس وليد اليوم، بل هو مؤرّخ على مدى حياة الجماعة السياسية.
لا شك ان قيادات الاخوان المسلمين ومنذ تأسيس حركتهم، لم يستطيعوا ان يوفّقوا بين الفكرة الدينية الدعوية الهادفة الى ترسيخ القوانين الاسلامية في المجتمع وبين السياسة. ولم يستدلّوا بعد الى طريقة لتطبيق توافقي للسياسة في الدين او للدين في السياسة، كما فعل حزب العدالة والتنمية في تركيا. وبالتالي فهم لم يستطيعوا التجاوب مع تقدم الحركات العلمانية، ولا الانتباه الى ان من يطلقون عليهم لقب الاقليات كالاقباط مثلا؛ اضحوا مجتمعات اساسية في تكوين الامة المصرية.

وفي نظرة الى ما يجري حاليا في الوطن العربي، نرى ان احزاب تونس والمغرب الاسلامية، والتي فازت بالدورات الانتخابية الاخيرة واستلمت زمام السلطة، حرصت على ان يكون وضعها تماما كوضع الحزب التركي الحاكم؛ أي خليط سياسي ديني علماني، يحافظ على شوكة الدين في الداخل ولا يؤجج عداء في الخارج خصوصا مع العالم الغربي المسيحي.
وهذا المزيج الجديد بين الدين والعلمانية، استطاع حتى ان يحافظ على توازن لا بأس به بين الطائفة السنية والطائفة الشيعية عموما. وبين دول الخليج العربي السنية وبين ايران الشيعية خصوصا، برغم كل المحاولات الجارية لتأجيج الصراع المذهبي ان كان في العراق او في البحرين او في مناطق اخرى من الوطن العربي.
وهذه المحاولات المتكررة لتأجيج مثل هذا الصراع يصح تسميتها بفتنة العصر.

تشتدّ هذه الفتنة اليوم في الاقطار العربية، وهي بلا شك تصب في خانة تحويل الشرق الاوسط الى شرق اوسط جديد كما روّجت له الادارة الاميركية السابقة علنا، وتعمل له الادارة الاميركية الحالية سرا.
وما يجري من احداث امنية وسياسية في سوريا ومصر، وعدم استقرار في لبنان، وخلافات مستمرة بين الفلسطينيين ما هو الا بداية طبخة اممية في المنطقة بدأت توضع على نار حامية.. يشرف عليها الطباخون الاميركان بمساعدة طهاة من الاتحاد الاوروبي. ويبدو ان سوريا ومصر هما بيضتا الميزان لهذه الطبخة المميزة.. او بعبارة اصح..هذه اللعبة الخطرة....
فسوريا امتدادا مع لبنان يبدو انه يجب ان تكون منطقة ضعيفة على خاصرة الدولة العبرية. ولكي تضعف يجب ان تتفتت مناطقيا وتخلو من النفوذ الايراني. ولكن تبقى تحت الرعاية التركية التي تستطيع أن توازن بين الحركة الدينية والحركة العلمانية لترضي الداخل والخارج، وتُبقي اسرائيل بوضع المطمئن. بينما يتم ارضاء ايران في العراق وربما لاحقا في البحرين اذا استطاعت ايران ان تقدّم التعهدات بعدم التمدد لاحقا في الخليج العربي.
أما مصر فهي باب المنطقة الواصل بين الشرق والغرب. ويبدو انه يجب ان يتم السيطرة عليها سياسيا مع ابقائها في وضعية التأزم بين اطياف الشعب وفي حالة مالية متأزمة وبحاجة مستمرة الى اعانات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرها من المؤسسات النقدية العالمية، التي تسبق شروطها السياسية القبول بالتمويلات النقدية.
فكيف سيترتّب الوضع السياسي في البيتين السوري والمصري؟
وكيف سيتعامل اخوان مصر مع الموقف الدولي من ايران؟
وهل سيبقون على التطبيع بين مصر واسرائيل؟
وكيف سيكون موقفهم من الحالة الفلسطينية المستجدة بين حركتي فتح وحماس؟ وهل سيساعدون في اتمام المصالحة بينهما؟
وكيف سيتعاملون مع حزب الله اللبناني؟
وهل سيساعدون اخوان سوريا في صراعهم ضد النظام السوري الحالي؟
اسئلة كثيرة وهموم كبيرة فهل سيكتفي اخوان مصر بما حصدوه لغاية اليوم في اللعبة السياسية؟ ويتركون لغيرهم الاجابة ومعالجة الامور ووأد الفتنة؟
ويركنوا هم الى المعارضة السياسية التي احترفوها لعقود طويلة؟
الايام القليلة القادمة كفيلة وحدها بالاجابة على هذه الاسئلة.

سامي الشرقاوي

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات