10‏/12‏/2012

مصر تشتعل ورئيسها يكاد يفقد ظلّه



يعتقد الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي وفق ما يصرح به وما قاله في خطابه الاخير (وربما يكون صادقا باعتقاده) ان ما يقوم به من اجراءات وما اعلنه من اعلانات دستورية والاستفتاء الذي يطلبه من الشعب على الدستور، كل هذا من اجل وضع حد للفوضى السياسية التي تتخبط بها البلادـ وعدم تمكن السياسيين من التوافق على تثبيت الآلة التشريعية لادارة شؤون البلاد بعد ان اصدر المجلس الدستوري حكما بحل البرلمان المنتخب.

لكن يبدو ان الرئيس المصري يريد معالجة الداء بداء من نوع آخر خصوصا ان الخطابات الاخيرة للمرشد العام للاخوان المسلمين محمد بديع وايضا خيرت الشاطر وغيرهما من المتحدثين باسم الاخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية تدل بشكل مثير على مدى تأثير سياسة الاخوان المسلمين على قرارات الرئاسة المصرية.

ويزيد في الطين بلة تكليف الرئيس المصري الجيش لمساعدة الشرطة بضبط الامن ومنحه سلطة القبض على المدنيين. فيخرج بذلك الوضع السياسي والامني القائم في مصر عن السيطرة ويرجع بالزمن الى ما قبل ثورة يناير التي ادت الى خلع الرئيس السابق حسني مبارك.

أما قرارات الرئيس المصري الاخيرة وتراجعه السريع عن بعضها وتصحيح بعض اخطائها باخطاء اخرى فتشير الى مدى الارباك الحاصل في الرئاسة المصرية. مما ادى بالمعارضة الى وصف القيمين على سياسة الحكم بالهواة وبأنهم يتبعون سياسة الخطأ والصواب في تعاملهم مع وضع سياسي خطير في البلد.

الشارع المصري يتخبط بفوضى التظاهرات المليونية للمعارضة والموالاة والتي تشي في حال استمرت على ما هي عليه من حشد احقاد وتبادل اتهامات وتشابك جسدي وحتى بالنار والخرطوش، بأن احداثا جللا ستضرب المواطن المصري بشكل عام وستؤدي حتما الى تدّخل القوات المسلحة هذه المرة دون اوامر او تكليف من الرئيس، وربما تفرض على الرئيس اقامة جبرية الى ان تستقر الامور على مشروع دستور يوافق الشعب اجمع للاستفتاء عليه.

هذا السيناريو صار شبه مؤكد مع اصرار الرئاسة المصرية على الاعلان الدستوري وفرض دستور اشرف عليه مشرعون يتبعون لجهة سياسية واحدة.

ويؤكد هذا الكلام ما قالته المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند عندما عبرت عن القلق الاميركي من الاوضاع في مصر وحثت جميع الاطراف الى ضبط النفس والحوار وعدم تكرار الاخطاء التي حدثت في عهد مبارك.

كلام فكتوريا نولاند يأتي في نفس التوقيت الذي صرح فيه مصدر للبيت الابيض ان تأجيل زيارة الرئيس المصري يرجع الى قلق الادارة الاميركية من الاوضاع في مصر والى تراجع العملية الديمقراطية، وأكد أنه تم تأجيل الزيارة لتوفير مزيد من الوقت للحكم ومعرفة ما إذا كان الرئيس مرسي سيقود بلاده نحو الديمقراطية أم لا، وعما إذا كان يسعى للوصول إلى حل وسط مع المعارضة أم أنه سسيتمسك بحكم من لون واحد.

كما بدت اصوات في الخارج تلمح الى ان الحكم (المصري) الذي لا يتصرف بمسؤولية بالداخل، لا يمكن ان يتصرف بمسؤولية في الخارج، في اشارة الى المعاهدات القائمة بين مصر واسرائيل باشراف دولي.

وسط هذه الحمّى السياسية والامنية الخطيرة التي تعاني منها مصر اليوم يبدو ان البلاد على مفترق ثلاثة طرق وهي:

أن يقوم الاستفتاء على الدستور في موعده المحدد وينتج عنه رفض الدستور وتهدأ النفوس ليعاد تشريع دستورا آخر تشترك في وضعه كل القوى السياسية.

أو أن تكون نتيجة الاستفتاء ايجابية بالموافقة على الدستور ويستعر التخابط السياسي والامني حتى يحسم الجيش الامور.

أو أن يحسم الجيش الامور قبل موعد الاستفتاء ويعمل على تهدأة النفوس والتحضير لعملية انتقالية ثانية.

ويبدو ان امام الرئيس المصري ايضا ثلاثة خيارات وهي:

أن يستجيب لشريحة كبيرة من الشعب ويجمد قراراته ويعيد مناقشة الدستور مع القوى الوطنية الاخرى حتى يجمعوا على دستور على مستوى طموح الشعب. وبذلك يكون قد حافظ على مصداقيته ونفّس الاحتقان القائم.

أو أن يتشبّث بقراراته ويحاول تنفيذها باجراء الاستفتاء والقبول بالنتيجة اذا كانت سلبية ويعيد الامور الى نصابها بمشاركة القوى الاخرى. او يجابه هذه القوى الاخرى اذا كانت نتيجة الاستفتاء ايجابية، والتي سيكون تحركها حينئذ اقوى واخطر وربما تطالب بتنحي الرئيس لتفقده عندئذ ظله الشرعي كرئيس منتخب.

أو أن يقبل بتدخل الجيش الآن بسلطات اقوى من التي منحها له ويتحمّل نتيجة هذا التدخل الذي من الممكن ان يخطف منه صلاحياته كرئيس ويفقده أيضا ظله الشرعي.

فكيف سيتصرف الرئيس المصري في اليومين المقبلين؟

التظاهرات الحاشدة التي تدعوا لها كل الاطراف في يوم واحد (الثلاثاء 11 ديسمبر) توحي بأن الامور قادمة على تصعيد بالغ الخطورة... الا اذا حسم الرئيس امره وقرر ان يحافظ على ظله كرئيس شرعي لكل المصريين دون استثناء.

سامي الشرقاوي




08‏/12‏/2012

تحضيرات لحرب كونية غير معلنة مسرحها الشرق الاوسط




اذا جاز التعبير فإن "المحور" اليوم هو روسيا والصين وإيران و"الاحزاب" الداخلية الحليفة. وإن "الحلفاء" اليوم هم الولايات المتحدة واوروبا وتركيا و"الاحزاب" الداخلية الحليفة.
وبرغم كل التحليلات السياسية المناقضة، فإن اسرائيل ليست ضمن لعبة التحالفات بالمعنى السياسي للكلمة ولكن بالمعنى الاستراتيجي لانها بطبيعة الحال ستكون المستفيد الاول والاخير لاي نتيجة تفرضها هذه الحرب.
وايضا وبرغم ان القضية الفلسطينية هي أم القضايا في المنطقة وهي السبب الأول لكل ما يجري فيها بمعنى الضحية، فالفلسطينيون سيكونون بمنأى عن هذه الحرب الا ان فلسطين ستتأثر وربما بشكل ايجابي جدا بنتائج هذه الحرب اذا قامت.
لماذا هذا الكلام؟
لا شك ان ما يجري في دول المنطقة اليوم هو ليس ربيعا عربيا بقدر ما هو تفريغ للحالات السياسية والعسكرية وللانظمة القائمة فيها.
ولو كانت مقادير الامور بيد القوى الداخلية المتصارعة لكان الوضع حُسم لهذا الطرف أو ذاك بدون أي تأخير. إنما ما يجري هو بتدابير خارجية والمقاليد بيد قوى خارجية تتصارع بشكل معلن سياسيا وغير معلن عسكريا، بدليل أن كل قوة من القوى الخارجية تدافع عن "فئات" عسكرية مختلفة في الداخل. وهذا واضح ومعلن سياسيا داخل وخارج اروقة الامم المتحدة والمنابر الخارجية الاخرى.
ولأن صعوبة الحسم العسكري للقوى المتصارعة عسكريا بات يشكل ضغطا مترايدا على اسرائيل وبالتالي على نفوذ القوى الخارجية داخل المنطقة فإن القوى الاساسية في الخارج بدأت تتحضر لانهاء الحالة العسكرية القائمة كلّ لمصلحته عسكريا وسياسيا.
هذا ليس تحليلا سياسيا بقدر ما هو احصاء لتحركات عسكرية فعلية يقوم بها حلف الناتو بوجهٍ تركي وتقوم بها روسيا بوجهٍ ايراني.
التحضيرات العسكرية الروسية بدأت بارسال الادوات والعتاد والاسلحة وحتى الفصائل الى المنطقة وبالتحديد الى سوريا ولبنان ووصلت البوارج الروسية والايرانية الى سواحل طرطوس حتى بور سودان.
اما القوات البحرية الاميريكية والبريطانية فقد وصلت الى تركيا وانتشرت تحديدا حول حدود سوريا الشمالية مع تركيا والجنوبية مع الاردن ووقفت بوارجها متأهبة في البحر الابيض المتوسط مع نصب حزام لصواريخ باتريوت على الحدود التركية السورية.
أما الاحزاب السياسية الداخلية التابعة للاطراف الدولية والاقليمية المتناحرة فوظيفتها تقتصر على التأجيج السياسي وابقاء المناوشات العسكرية قائمة تقوى وتخفت وفق نجاح او فشل مفاوضات الغرف السرية بين المتصارعين في الخارج.
كل هذه التحضيرات لا تعني ان الحرب ستقع غدا او ستقع حتماً لأن كل الاطراف غير قادرة على دفع ثمنها الاقتصادي والسياسي لذلك يسعى الجميع الى تجنب وقوعها بأية وسيلة .. وهذا ما يسبب اطالة الازمة.
ولكن اطالة الازمة باتت ترخي ظلا آخر لم يكن في الحسبان او خالف توافقات سابقة بين الاطراف.
فعندما توافق الجميع بما فيهم اسرائيل على وجود حكم اسلامي ديمقراطي معتدل في تونس ومصر مثلا، فوجئوا بأن الحكّام هناك  باتوا يتصرّفون غير ذلك الامر الذي ادّى الى حصول ثورات مضادة وقلائل لا تحمد عقباها. وهذا ما أثّر فعليا على تردد الغرب في تسليح المعارضة السورية بشكل مباشر واصرار على ان يكون التسليح تحت اشراف مباشر (على الاقل) تركي.
الحكم الاسلامي السني في مصر وسوريا لا يرضي سوريا وايران وبات ايضا يقلق اميركا والغرب.
بيضة الميزان اليوم في مصر.
فالوضع المصري هو الذي يقرر حتمية نشوب الحرب او حتمية توافق الغرب على تقاسم الحصص في المنطقة بشكل سلمي.
والجيش المصري اليوم اعطى انذارا مبّطنا للقوى السياسية المتنافرة في الداخل بما فيها رئيس الجمهورية بأنه لن يسمح بحال الفوضى ان تستمر... ربما البيان الثاني للجيش المصري سيكون اعلان الانقلاب العسكري تجنبا للفتنة.
الانقلاب العسكري اذا تم سيتم على الارجح بتوافق روسي اميركي غربي وسيكون بداية لحسم الحالة السورية وبداية لاعلان دولة فلسطين بموافقة اسرائيل التي سيعطيها الجميع الضمان الامني الذي تريده.
ايران وفق مجرى الاحداث غير بعيدة عن هكذا اتفاق لان امتداد الازمة بات يشكل خطرا عليها في الداخل عدى على ان العقوبات الاقتصادية بدأت تخنقها بشكل كامل.
اشارة الموافقة ارسلتها ايران كالعادة بواسطة حزب الله في لبنان حين اعلن السيد حسن نصر الله بالامس ان حزب الله هو المستفيد الاول من وجود دولة لبنانية قوية وقال ان مشروع الحزب هو الدولة وهدفه هو الدولة الواحدة الموحدة.
لا شك ان الامور تزداد تعقيدا كل يوم لذلك فالحسم بات انجع حل ونأمل ان يكون حسما سلميا لا حسما حسما عسكريا .... لأن الحسم العسكري عدا عن انه صعب جدا ومكلف جدا وسيخطف آلافا مؤلفة من الابرياء فهو ايضا سيسبب بكارثة غير مسبوقة في التحول الجيو- ديمغرافي للمنطقة وسينشيء تطرّفا دينيا ومذهبيا غير مسبوق ليس فقط في المنطقة بل في العالم اجمع.
أما النتيجة الايجابية في جميع الحالات ستكون لاسرائيل لانها ستنعم بسلام .... الى حين
سامي الشرقاوي

20‏/11‏/2012

هل يحقق توازن الرعب السني الشيعي اليهودي السلام في المنطقة؟




عنوان غريب لمنطق غريب لكن أليس ما يحصل في المنطقة منذ سلبت اسرائيل الوطن الفلسطيني وحرمت ابناء فلسطين من ابسط حقوقهم هو أيضا من غرائب الامور؟

قبل الخوض في شرح هذا التوازن "المخيف" للرعب، وكيف يكون سببا في احلال السلام، لنقرأ جيدا التحول الجاري حصوله في المنطقة ونستلهم منه بعض المؤشرات اذا استطعنا.
عندما انسحبت اسرائيل من الجنوب الللبناني عام 2000، تكرّس الوضع الميداني وايضا السياسي هنالك لحزب الله الشيعي الذي يقود المقاومة "الاسلامية" ضد اسرائيل. وحزب الله لا ينفي صبغته الشيعية بل ان السيد حسن نصر الله جاهر بالانتماء الى ولاية الفقيه، ولكنه حرص على القول ان هذا الانتماء ليس هدفا للتطبيق في لبنان!

وعندما استعر النزاع المسلح بين الاطراف الفلسطينية في غزة تمكنت حماس من السيطرة على كامل قطاع غزة وتطبيق احكام الشريعة الاسلامية السنية فيها!
وكانت سوريا وايران الداعمان الاساسيان لكل من حزب الله وحماس تحميان ظهرهما وتمدانهما بالاسلحة وتؤمن لهما اللوجيستية المطلوبة لاستمرار تدفق السلاح لمقاومة اسرائيل!

في الحربين الاخيرين عام 2006 و 2008 التي شنتهما اسرائيل على حزب الله وحماس، تفاجأت اسرائيل ومعها الولايات المتحدة بالقوة الضاربة لكل من حزب الله وحماس، والمقدرة العسكرية والتقنية في التخطيط وبغزارة الصواريخ القريبة والمتوسطة وحتى بعيدة المدى التي يمتلكها الفريقان!

منذ تلك النتيجة المخزية لاسرائيل، عمدت اسرائيل وحلفائها الى تغيير نوعي في الاستراتيجية المتبعة في منطقة الشرق الاوسط، وبعد ان رفض "الحلفاء" توجيه ضربة عسكرية الى ايران التي كانت اسرائيل تحث كل الاطراف على اعطائها الضوء الاخضر السياسي للقيام بتلك الخطوة كما فعلت سابقا في العراق وفي سوريا؟

كان لحلفاء اسرائيل رؤية اخرى للسيطرة على الامور في الشرق الاوسط وتأمين حزام أمني لاسرائيل. هنا بدأت قصة "الربيع العربي" من تونس.
طبعا الحرية هي المطلب الدائم للشعوب العربية، التي حكمتها انظمة بوليسية على مدى عقود من الزمن. ولأن تلك الانظمة وخصوصا في ليبيا ومصر قد برهنت لدول الغرب عدم قدرتها على الاستمرار بالدور المطلوب منها، فانها رأت بالانتفاضة العربية فرصة سانحة من أجل التغيير "في الانظمة".
ولأنهم رأوا ان الاعتدال الاسلامي السني الذي يطبق في الحكم بتركيا، والذي يقيم علاقات "صداقة" مع اسرائيل ممكن ان يطبق ايضا في تونس وليبيا ومصر دعموا الاحزاب الاسلامية في تونس ومصر.
تردد الاخوان المسلمين في مصر بتأمين المعادلة المطلوبة لاخضاع غزة وتأمين اسرائيل، وتشعب الحركات السلفية هناك وظهور منظمات مسلحة في سيناء جعلت "حلفاء" اسرائيل يعيدون النظر ويمنعون التنظيم الاسلامي من الوصول الى الحكم في ليبيا.
في تلك الاثناء، وجدوا ان اي ضربة عسكرية لحزب الله لن تجدي، الا بقطع الامدادات عن حزب الله ولو بالتضحية بالنظام السوري الذي ابقى جبهة الجولان السورية الاسرائيلية آمنة الى اقصى الحدود طوال اربعة عقود.
غير ان المفاجئة كانت ان "الثورة" في سوريا جائت بسرعة ملفتة لم يقدر "الحلفاء" الى الآن على استيعابها بشكل كامل. وهم ما زالوا يسعون اقصى جهدهم لابعاد سيطرة الاخوان المسلمين بشكل مباشر على سوريا والمجيء بمزيج حكم لا يكرس الطائفية ولكنه يبقى تحت السيطرة التركية.
هذه المعادلة في سوريا من الممكن ان تبقي حزب الله قوة عسكرية في لبنان مع وقف التنفيذ للمقاومة ضد اسرائيل؟ وبهذا يتأمن الجانب الشمالي من اسرائيل طالما ان حزب الله بموافقة ايران يتبع سياسة الهدنة المعلنة او غير المعلنة مع اسرائيل. وبنفس الوقت تبقي لايران نفوذا ومصالح استراتيجية مع لبنان كما لها مع العراق لكن بشكل مختلف نظرا لان تنوعية لبنان ودستوره وانفتاحة لا يمكن تغييرها بل يمكن الاستفادة منها!
العدوان الاخير على غزة جاء وكأنه امتحان للرئيس المصري اذا ما كان قادرا على السيطرة على حماس وتأمين جنوب اسرائيل!
فإن لم يكن قادرا فإن الخطة البديلة على ما يبدو جاهزة للاطاحة به وانهاء حكم الاخوان المسلمين وقد بدأت ظواهر التمرد على الرئيس مرسي وحكومته تظهر باصرار في الشارع المصري.
مصر الآن امام خيارين لهدف واحد.
الخيار الاول قبول الرئيس الحالي بكبح القوة العسكرية لحماس وتأمين الجانب الاسرائيلي.
أو قلب نظام الحكم في مصر وسيطرة العسكر مرة اخرى للقيام بالمهمة الاستراتيجية.

حماس بالطبع ترغب ان تكون في صلب المعادلة وهي رقم صعب فيها وحليف مر للرئيس المصري. لذلك فشروط حماس اليوم لوقف اطلاق النار تبدأ من فك الحصار القائم على غزة.
فك الحصار القائم شرط لا ترضاه اسرائيل الا اذا اخذت ضمانات من مصر.
مصر سترضى بتقديم الضمان اذا وافقت اسرائيل على اعطاء حماس استقلالية فعلية في غزة برعاية مصرية، وايضا باعتراف الدول بها على غرار اعترافهم بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتضمن تركيا بالطبع هذا الاتفاق.
اذا حصل ذلك فتكون حماس المنظمة السنية قد وافقت على عدم اطلاق النار على جنوب اسرائيل ومنع اي منظمة فلسطينية او غير فلسطينية اخرى من اطلاق النار من غزة على جنوب اسرائيل ويشمل ذلك صحراء سيناء.
ويكون حزب الله الشيعي قد وافق ضمنيا على عدم التعدي على اسرائيل ومنع اطلاق النار من داخل لبنان على شمالي اسرائيل.
تبقي هذه المعادلة معلقة الى ان يستقر الوضع في سوريا ويتبين من هو الطرف القوي الذي سيمسك زمام الامور في سوريا ويؤمن امن اسرائيل في الجولان وأيضا بطريق غير مباشر من لبنان. أي بقطع الطريق اللوجستي لحزب الله الذي يمر عبر سوريا؟

للأسف مرة وألف، فإن كل الحاصل هو لتامين امن اسرائيل ولو على حساب الشعوب العربية كلها.
لذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه.
من يضمن عدم تعدي اسرائيل على دول المنطقة؟
واذا تحقق هذا النوع من السلام بين اسرائيل وجيرانها الضعفاء والاقوياء، فكيف سيكون الوضع الاجتماعي للشعوب العربية. وبالتالي ما هو وضع الاقليات المسيحية، وكيف سيكون تمازجهم في المجتمع والدولة؟
وماذا سيكون وضع الدولة الفلسطينية المفترضة، وأين، وهل ستكون غزة جزءا منها وكيف؟

والسؤال الاهم.... الى متى ستظل هذه الهدنة قائمة؟
وكيف ستسقط؟
سامي الشرقاوي
 

10‏/11‏/2012

يوم القيامة على الابواب ... فهل من متاب؟



عندما وضع الماويّون (اصحاب حضارة المايا المشهورة بتنبؤاتها التي تحقق كثير منها) تقويم التاريخ، حدّدوا بدء الخلق (الحالي) يوم 11 اغسطس آب عام 3114 قبل ميلاد المسيح.
وفي سياق حسابات المايا وتحليلها فإننا نعيش اليوم في حقبة العالم الرابع وهي الحقبة الاخيرة التي تنتهي يوم 20 ديسمبر عام 2012 وينتهي معها الخلق ؟
وبذلك يكون يوم 21 ديسمبر كانون الاول عام 2012، بداية حقبة جديدة لخلق جديد او النهاية المطلقة أي ما يعني دينيا يوم القيامة!

ويعتقد الماويون ان نهايات متعددة للخلق تحقّقت قبل الخلق الاخير الذي سينتهي في يوم 21 ديسميبر من هذا العام، ويشيرون الى ان وراء هذا اليوم المحدد يصبح حساب الزمن حساب مسافة مجهولة القياس بين النهاية وبداية مستقبلية مجهولة الهوية.

يقول العالم المعاصر "جيريل" انه اجرى ما يسمى محاكاة نظام كوني على جهاز الكومبيوتر، ووجد ان كوكب فينوس سيشكل دائرة كاملة في حركته فوق الكواكب عام 2012 وسيمر قريبا جدا من كوكب الشمس في مشهد رهيب يوم 21 ديسمبر، ليثير لغطا في حركة المجموعة الشمسية مع كوكب الارض، وارتباكا في النظام الفلكي ومسار الكواكب.
فيكون هذا اليوم هو يوم الكارثة الكبرى.
ويتأثر كوكب الارض بشكل مباشر فتعم الزلازل والفيضانات، وتتسبب الحرائق وامواج تسونامي الشاهقة بانعدام حياة كل المخلوقات فوق الارض.
طبعا كل هذا الكلام يبقى ضمن الخيالات الاسطورية والمعادلات العلمية الغير ثابتة والتي تقابلها معادلات علمية اخرى تنفيها.
ولكن شوق الانسان للاثارة وحب الاعلام لبيع السلعة، سبب في غزو هذه الاشاعة عقولنا. فانتشرت بسرعة في وسائل الاعلام دون استثناء. وقد تقبلها عدد هائل من الناس الذين صدّقوا او يريدون ان يصدّقوا ان عالمنا هذا الذي نعيش فيه سينتهي قبل نهاية العام الحالي باسبوع.

طبعا ما بني على خيال يبقى خيالا وما ولد من اسطورة ينتهي بالاسطورة نفسها الى ان تجد الاسطورة منفذا آخر لها.

لكن ما يهمنا من هذا الكلام هو ان الحركة الكونية والنظام الفلكي كلاهما يشكلان تأثيرا مباشرا على طبيعة المخلوقات الحية من انسان وحيوان ونبات.. وهذا صحيح وحقيقة وواقع.
والديانات الثلاثة الكبرى اعطت علامات لنهاية الحياة على الارض، كإنشقاق القمر وعودة المسيح، واكتساح الفساد والحروب والكوارث الطبيعية وجه الارض.

فاذا ربطنا الحقيقة العلمية بالحقيقة الدينية حول الخلق ونهاية الخلق نرى انفسنا لم نصل بعد الى فهم حقيقة ما يحصل من متغيرات في نظامنا الشمسي.
وهذا ما يثبّت ايماننا اكثر ان يوم القيامة او قيام الساعة او نهاية الخلق هو شأن غامض إن لم نرد ان نعترف انه سر الهي. وأننا لم نصل بعد الى حل الغازه لمعرفة تاريخ حدوثه...
لذلك فإن عنصر المفاجئة في حدوث (يوم القيامة) هو اصدق الاحتمالات.

ولنؤمن جدلا ان يوم القيامة اصبح على بعد أيام منا، فهل من امل بأن يتوب البشر، ويعود الانسان الى رشده. فيصطلح ولاة الامور، ويرتشد العامة، وتنتفي الشرور ويعم الخير ويتقبل الناس فكرة انهم سواسية في الخلق والحياة والموت؟

ولكي نخصص الفكرة اكثر ونلصقها فينا نحن الاطياف المتنوعة في العرق والدين والساكنة على امتداد البقعة العربية من الخليج الى المحيط.
هل تحثنا فكرة قيام القيامة كي نحسّن من سلوكنا نحو بعضنا البعض؟
هل نوقف آلة القتل والدمار في بلادنا؟
هل نرحم من ليس له حول ولا قوة فيما يجري ويدور من قتال وتآمر؟

هل سيخطر لنا ولو للحظة امام هذه الفكرة المخيفة، انه مهما طغينا في السلطة ومهما جمعنا من مال، ومهما فرقنا وتفرقنا فإن المصير في النهاية هو مصير واحد يجري على كل فئات البشر دون تمييز؟

هل من وجهة نظر الخوف من المجهول وما وراءه، ومن وجهة نظر محاسبة الناس على افعالهم بمعنى ان يوم الحساب الالهي آت فعلا ...... سنستدرك ما نقوم به من جرائم بحق بعضنا البعض وبحق كوكبنا الارض وما عليه من نعم وجمال وكنوز؟

هل سنتوب عن الشنائع والاطماع والخبائث والحروب والتسلط؟
هل سنؤمن بأن هذا اليوم الرهيب سيطالنا جميعا بغض النظر عن الدين والمذهب والفقر والغنى والعلم والجهل؟
هل سنفكر لحظة ونسأل انفسنا ونجيب بصدق ذواتنا وعقولنا وقلوبنا اذا ما كنا نفعل في هذه الدنيا صوابا واننا فعلا صادقون في معتقداتنا وادياننا ومذاهبنا وتعاليمنا وسياساتنا، ام اننا نستغل كل ذلك إما عن جهل او عن علم، لنحقق رغباتنا ونرضي اهوائنا وأنفسنا؟

هل سيفكر الحاكم لحظة ويسأل نفسه ويجيبها بصدق عما اذا كان عادلا شفافا في حكمه؟
وهل سيفكر المحكوم لحظة ويسأل نفسه ويجيبها بصدق عما اذا كان ينتمي فعلا وبكل شفافية الى وطنه ودينه ومذهبه وعرقه وعقيدته ومجتمعه؟

أسأل هذا لانه عندما يقوم يوم القيامة لن ينجو منه لا حاكم ولا محكوم.
فهل من متاب ويوم القيامة "على الابواب"؟

سامي الشرقاوي

04‏/11‏/2012

سيناريوهات الحروب الاهلية في بلادنا.... واحدٌ متكرر



الفريق المسرحي الدولي الذي يخطط الازمات السياسية والامنية في بلادنا هو فريق واحد مؤلف من مباديء مُتّفق عليها دوليا حتى بين الدول الكبرى المختلفة مع بعضها... لانه يبدو ان الشيء الاساسي المتّفق عليه بين هذه الدول هو ابقاء بلادنا في ازمات مستمرة لا تنتهي الا ساعة هم يشاؤون.
ومن خلال سيناريو الحروب الاهلية التي تتخبط بها بلادنا  بشكل معارك عنف تدور على الارض او بشكل نار سياسية حامية بين الكتل والاحزاب تكاد تنفجر في اية لحظة كي تحرق الاخضر واليابس ..... يبدو ان هذا السيناريو بقدر ما يقتل عندنا بشر ويدمر حجر ... فهو يطيل عمر المفاوضات الجارية بين الدول التي تظن انها تمسك قدرنا ... الى ان يتفقوا على صيغة نهائية او شبه نهائية علينا.
اذا نظرنا الى ما يجري في منطقة الشرق الاوسط منذ عام 1948 يتبين لنا الحقائق التالية:
1- اغتصاب دولة فلسطين وانشاء دولة اسرائيل ......... (وهنا سر الاحداث المتواصلة)
2- تشتيت الفلسطينيين في عدة دول عربية مجاورة وبعيدة
3- جلاء القوى المستعمرة عن بلادنا ومنحنا الاستقلال (لا يوجد دولة عربية واحدة اخذت استقلالها بقوة المقاومة) أما ثورة 23 يوليو في مصر فقد لعبت دورا اقليميا مميزا اذ انها حصلت في خضم الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفياتي.
4- انتصار اسرائيل في حرب 1967 وضمها اجزاء من اراضي مصر وسوريا والاردن بما فيها مدينة القدس. (توقيت هذه الحرب جاء بعد التأكد ان كل البلاد العربية الممنوحة استقلالها تتخبط في ازمات سياسية خانقة وانقلابات عسكرية متعددة هي في الحقيقة من وسائل الحرب الباردة التي كانت قائمة تلك الفترة بين القوى العظمى).
5- قيام انظمة عربية تمكنت من فرض سيطرة حكمها بالقوة باعتماد سياسة الدولة البوليسية مما سنح لها الاستمرار لسنوات عديدة في الحكم.
6- انشاء المقاومة الفلسطينية التي رعتها الانظمة العربية الجديدة وموّلتها.. الا انها ابقتها بعيدة عنها وبقت تلك البلاد ترعى ايدولوجية المقاومة الفلسطينية لكن بدون ان تعتمدها او تدعمها بشكل عملاني يحقق النصر للمقاومة الفلسطينية .. وهي استغلتها الى ابعد الحدود وجعلت منها (اي من المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل) قميص عثمان ... كلما دنا خطر ما من تلك الانظمة رفعت هذا القميص على الرايات..
7- قُدّر للبنان ان يكون البلد العربي الوحيد الذي استطاع انشاء ديمقراطية حكم ولو بسيطة... استغلّها كل الاطراف الاقليمية والدولية لتصدير خلافاتهم الى لبنان والتشابك على اراضيه الى درجة ان لبنان صار في يوم من ايام بلدا تحكمه كل دول العالم وحتى قيادة المقاومة الفلسطينية الاّ حكّامه المحليين الذين كانوا يتناوبون على كراسي الحكم لابقاء صورة لبنان كدولة... ولينفذوا الاجندات الغريبة.
8- ذاك الوضع السياسي والامني الغريب في لبنان تطور الى حرب اهلية بين الطوائف اللبنانية ساهم في تسعيرها وبشكل كبير كل دول العالم...وتبين ان كل دول العالم كان لها مصلحة ان يبقى لبنان متأججا لتنكشف القوة العسكرية التي تهدد امن اسرائيل على حدودها مع لبنان بشكل مباشر.
9- الى هنا بدأت فكرة تحرير فلسطين تخف وينشأ بدلا منها مقاومة اسرائيل من لبنان
10- بعد حرب اسرائيل عام 1982 واجتياحها لبنان وطرد الالة العسكرية الفلسطينية منه ... سُلّم زمام الامور الى سوريا بقرار عربي جامع ... وافقت عليه الدول الكبرى بعد تعهدات من الرئيس السوري آنذاك بانشاء حالة بين جنوب لبنان وشمال اسرائيل، كالحالة القائمة بين سوريا واسرائيل في الجولان. بمعنى تطبيق الهدنة ومنع اي عمل عسكري ضد اسرائيل.
11- الا انه بدا ان سوريا حافظ الاسد لم تستطع او لم تُرد الحفاظ على السلام الذي توخّته اسرائيل.. وتحوّلت المقاومة الفلسطينية الى مقاومة لبنانية بقيادة احزاب من اليسار اللبناني وعلى رأسهم حركة امل وحزب الله المدعومين من ايران.
12- ايران في ذلك الوقت كانت مشغولة في حرب مدمرة مع العراق
13- ردا على ما يحصل في لبنان ولاضعاف سوريا التي بدت تظهر قوة سيطرتها على المقاومة اللبنانية... اعلن انور السادات رئيس مصر رغبته في عقد سلام مع اسرائيل..
14- سارعت الدول الى تنظيم حالة الفوضى في لبنان وتبنت دستورا جديدا للبلاد وصلحا بين المتقاتلين .... نتج عنه تفاهما سوريا سعوديا اقليميا باركه الغرب ... يتقاسم فيه البلدان رعاية شؤوون الدولة الجديدة.
15- وبنتيجة انهاء الحرب الاهلية في لبنان .. انسحبت اسرائيل من اراضيه مع ابقائها على بعض الاجزاء التي تعتبرها مواقع استراتيجية.. وأعتبر هذا الانسحاب نصرا للمقاومة اللبنانية وعلى رأسها حزب الله .. الذي استطاع ان يشارك في اللعبة السياسة البرلمانية والحكومية في لبنان ويكون شريكا مؤثرا.
16- بعد استتباب الوضع ولو بشكل صوري في لبنان... تحولت الانظار الى العراق ... ولأن النظام العراقي كان يشكل تهديدا مباشرا لايران ولدول الخليج العربية.. فقد ارتأت الدول ان تزيله بغزوة عسكرية مباشرة .. وتدير الولايات المتحدة سياسة الشرق الاوسط من وسط هذه المنطقة.
17- وسرعان ما بدأت خلافات لا حل لها بين الطوائف والاعراق والاحزاب السياسية في العراق تطورت الى حرب اهلية شرسة ... تماما كما حصل سابقا في لبنان.
18- عندما اغتيل رئيس حكومة لبنان الاسبق رفيق الحريري .. انتهى الوجود العسكري السوري في لبنان.. ولكن حل محله الوجود العسكري لحزب الله المدعوم من ايران وسوريا معا.
19 - قبل بدء ما يسمى بالربيع العربي... جاء خريف عاصف على السودان.. وبحرب اهلية عنيفة في جنوب البلاد انقسمت السودان الى بلدين في وطن واحد.. ولم يزل عدم الاستقرار سيد الموقف هناك.
ولما جاء الربيع العربي ضد الانظمة في مصر وليبيا واليمن وتونس وسوريا .... تكرر نفس سيناريو الحرب الاهلية وإن بتوزيعات مختلفة في النص والحوار والتشابك.
ويتبيّن يوميا من خلال مشاهد القتل والدمار أن القضية العربية بشكل عام تأخذ أبعادا غير معلن عنها ... وإنما يتأكد للمراقب يوما بعد يوم ان ما يجري على الساحة العربية هو مقدمة لحدث مهم سيظهر في اية لحظة قريبةـ. ليس للمقاتلين على الارض أية علاقة به، ولن يكون لهم اية ثمرة فيه.
هذا السيناريو المتكرر للحروب الاهلية، هو في الحقيقة تمهيد لاتفاق بين الدول الكبرى لاحداث نظام شرق أوسطي جديد فشلت انظمته السابقة في امتحان قيادته.
فكيف سيكون هذا النظام الشرق أوسطي الجديد؟
لا أحد يعرف... ولكن نستطيع أن نتكهن .... أو نضع احتمالات.
وكل الاحتمالات لا بد ان تكون بعيدة كل البعد عن الواقع الموجود حاليا على الارض... لسبب بسيط وهو أن الواقع والامر الثابت ان كل الاطراف المحلية المتصارعة على الارض لا تستطيع ان تنتصر... إنما مهمتها اطالة الازمة اكبر وقت ممكن... الى ان يستطيع أهل الحل والربط وهم الدول البعيدة عن اقليمنا ومحيطنا العربي الاسلامي ... التوافق على حل يريحهم.
والحل الذي يريحهم هو الحل الذي يريح اسرائيل...
حتى الصين وروسيا يفتشون عن راحة اسرائيل !!!!!!!
ونحن نفتّش عن كل ما يقلقنا!!!!!!!
ولأننا الحلقة الاضعف فسوف يكون هذا النظام الشرق اوسطي الجديد هو نظام لصالح اسرائيل ... يجوز ان يريحها من الخضات الامنية لفترة زمنية غير محددة.
فإن كان أحدٌ من الاطراف المشاركة حاليا في صراع الاحداث الدائرة من يستطيع ان يتعهد ويضمن وينفذ امن اسرائيل فسوف يرسخ في الحكم. وإن لم يوجد... فسوف نرى اطرافا تظهر فجأة وتحكمنا فجأة ...
وفجأة سنرى  سلاما واقعا بيننا وبين اسرائيل...
وفجأة سنرى انحسارا للمقاومة ضد اسرائيل ...
وفجأة سنرى حلاًّ (باهتاً) للقضية الفلسطينية ... توافق عليه القوى الفلسطينية ... والعرب
وفجأة سنرى انفسنا نحتفل باستقلال (وهمي) جديد ... هذه المرة من استعمار منّا وعلينا .. نفرح أننا قضينا عليه. وصرنا ننعم بسلام وطمأنينة وأمن ... يحلّون علينا فجأة

سامي الشرقاوي

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات