31‏/12‏/2011

ماذا لو نشط تنظيم القاعدة من لبنان?


هذا سؤال مباشر الى ثلاثة اطراف في لبنان: الدولة اللبنانية، حزب الله وتيار المستقبل.
والغرض من السؤال ليس توخّي الاجابة، لأنه ليس بمقدور طرف ان يجيب، لأنه يعرف ان الاجابة على هذا السؤال ستجعله يقف امام مرآة تريهُ وجهه السياسي البشع.

السؤال طبعا موجّه بطبيعة الحال الى كل الجهات اللبنانية الفاعلة في لبنان، وأيضا الى كل الاطراف الغير لبنانية الفاعلة في لبنان.

خلفية السؤال مبنية على وجود سجال عقيم بين القوى اللبنانية، بعد أن وجّه وزير الدفاع اللبناني التهمة الى بلدة عرسال اللبنانية بإيواء افراد من تنظيم القاعدة، ينشطون منها الى داخل الحدود السورية، وبناء عليه وجّه بعض السؤولين السوريين التهمة الى تنظيم القاعدة بالتفجير الذي حصل في مدينة دمشق الاسبوع المنصرم وذهب ضحيته عشرات القتلى والجرحى.

والسجال القائم حاليا في لبنان عقيم، لانه بين السياسيين اللبنانيين المنقسمين في عقائدهم السياسية، الذين لا يرتكزون على اية معلومات موثوقة عندما يتراشقون التهم، خصوصا وان الاجهزة الامنية بما فيهم الجيش اللبناني، لا تجرؤ على تأكيد او تكذيب تلك الاتهامات.

ولكن لنفترض ان معلومات وزير الدفاع خاطئة، وهذا ما يبدو على الارجح... وأنه ليس هناك أي نشاط لتنظيم القاعدة في لبنان ... فلماذا هذه المعلومات المضللة وما القصد منها؟

ولنفترض أيضا ان هذه المعلومات صحيحة، فلماذا لا تؤكدها السلطات المعنية، وخاصة الجيش اللبناني الذي نشر وزيره تلك المعلومات وأصر على تأكيدها...لكن من دون أدلة موثّقة.

طبعا في كلتا الحالتين الامر خطير ومقلق...
ففي حالة ان المعلومات كاذبة، فلماذا يطلقها وزير لبناني محسوب على الاكثرية اللبنانية التي يترأس قرارها حزب الله؟
ولماذا يريد حزب الله ان يتّهم بلدة لبنانية محسوبة على تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري، وهو يعرف (أي حزب الله) ان ابعاد هذا الاتهام سيشعل النار التي هي الى الآن محصورة تحت رماد الفتنة الشيعية السنية؟
ولماذا لا يؤكد الجيش اللبناني هذا الخبر او ينفيه؟ وقيادة الجيش اللبناني تعلم علم اليقين ان مصداقيتها امام فئة لا بأس بها من اللبنانيين ليست على ما يرام، بسبب عدم قدرة هذه القيادة على ايجاد التوازن الايجابي في التعامل مع المناطق اللبنانية.

أما في حالة ان المعلومات صادقة، فكيف سيتعامل تيار المستقبل معها، وبلدة عرسال واهلها محسوبين عليه؟ وهو يعلم علم اليقين ان ايواء هذا التنظيم سيجر تفاعلات سلبية على كل المستويات الداخلية والاقليمية والدولية؟
ولماذا لا يؤكدها الجيش اللبناني بأدلة موثوقة وموثقّة لتكون غطاء سياسيا وشعبيا له اذا اراد أن يشن حملة تطهير وتخليص البلدة من تلك العناصر الارهابية؟ طبعا اذا كانت موجودة فعلا.

وما يزيد في الطين بلة، ان المجلس اللبناني الاعلى للدفاع، التأم منذ يومين ليناقش هذه المسألة وخرج في نهاية اجتماعه ببيان لم يفهم منه اي لبناني ما اذا كان هناك نشاط لتنظيم القاعدة في لبنان أم لا.

في كل الاحوال نريد أن نأخذ فرضية ان هنالك فعلا نشاط لتنظيم القاعدة في لبنان، فما هو موقف الدولة اللبنانية منه؟
وأيضا ما هو موقف حزب الله؟ لأن هذا التنظيم لا بد ان يعمل على اضعاف حزب الله في لبنان واضعاف النظام السوري الحليف الضروري للحزب.
كما ان تنظيم القاعدة على المذهب السني، وهو يجهر بالعداء للشيعة وهذا يضر بطبيعة الحال بالتعايش السني الشيعي في لبنان الذي يشهد اوهن حالاته في هذه الفترة.
لذلك فالسؤال ايضا موجه الى تيار المستقبل ما اذا كان يرضيه ان يعمل تنظيم القاعدة في لبنان على فتنة سنية شيعية؟

البعض يقول ان النظام السوري يخلق تلك الاتهامات بقصد وضع حد لتهريب السلاح الى الداخل السوري وتقوية المعارضة السورية في صراعها مع النظام، خصوصا وان هذا الصراع بات يتطور يوميا الى صراع عسكري بكل ما للكلمة من معنى.
ولكن هل هذا الاسلوب سيحد من تدفق الاسلحة ام سيزيد من تدفقها؟ لا اظن ان القيادة السورية وصلت الى هذا الحد من الدرك والتهور.

الموضوع متشابك جدا، وخطير جدا ويبدو انه مقدّمة لزج لبنان في متاهات الصراعات الحاصلة في منطقة الشرق الاوسط. وهذا ان حصل فسيكون لبنان ساحة معارك شرسة لن يسلم منها احد.

نعود الى الدولة اللبنانية لنسأل الى متى ستظل هذه الدولة لا حول لها ولا قوة...يستبيحها احزابها وسياسيوها وجيرانها وضيوفها واصدقاؤها واعداؤها وكل من تعاطى شأنها؟
والى حزب الله لنسأل الى متى سيظل هذا الحزب يبتعد عن المقاومة الحقيقية ضد العدو الاسرائيلي؟ والى متى سيمعن في التخلي عن قواعد شعبية مهمة تستطيع ان تحصّنه وتزيد منعته وتقوي شكيمته وشوكته في صراعه مع اسرائيل؟ والى متى سيظل قراره بالغرق في مستنقع السياسة اللبنانية ووحولها القذرة؟
والى تيار المستقبل لنسأل الى متى سيظل هذا التيار يقود اعلاما سخيفا غير مدروس يزج بالشباب اللبناني المنتمي له في مغامرات مقلقة؟

من المرجح أن تنظيم القاعدة ليس متواجدا في لبنان.... لكن من المؤكد ان هذا الغباء السياسي الذي يغطي لبنان ويلبس جميع اطرافه... سيؤدي الى تواجد هذا التنظيم وتفعيل نشاطه من هذا البلد.
واذا لم يكن هؤلاء السياسيين في لبنان في حالة غباء...
فأي وصفٍ اذن يصلح ان يُطلق عليهم؟

سامي الشرقاوي

18‏/12‏/2011

الربيع العربي فيلم أجنبي طويل


للأسف....
بعد انتهاء عصبة الامم عام 1948 من ازالة فلسطين وتنصيب اسرائيل كيانا يهوديا في ارضنا العربية، وبعد أن أعطت تلك العصبة قبل ذلك الحق والسلطة للدول التي كانت تستعمر بلادنا لادارة شؤوننا، وأكل خيراتنا، والاستيلاء على ممتكلاتنا...وفرض حكّامنا. وعندنا يحلو لهم يعلنون انتهاء فعالية خدمتهم وأوان رحيلهم، ثم نرى هبّة الشوارع العربية فجأة تنادي بالرحيل والتغيير... أو هكذا يُخُيّل لنا.

للأسف...
فالواقع يشير الى أننا كشعوب، ما زلنا نعاني من مرض عدم النضوج، وهذا ليس ذنبنا، بل ذنب من استعمرنا وحكمنا من قبل، وأنشأنا كجيل جديد على الفقر والحاجة والمذلّة اليومية، وغرس فينا عدم الاطمئنان، ووضع في كتبنا تاريخ غيرنا قبل تاريخنا، وحرّضنا على قبول ثقافة الآخرين قبل ثقافتنا، واحترام حضارة من استعمرنا قبل احترام تراثنا وحضاراتنا.

للأسف....
المشهد العربيّ الآن واقعٌ مرٌّ.
فكلّ الدول العربية وإن بنسب متفاوتة، تعاني من حالات القلق الى حالات عدم الاستقرار وصولا الى القتل والخراب والدمار.
وكل الدول العربية الواقعة ضمن القوس الشرقي من منطقة ما يسمى بالهلال الخصيب، ترزح تحت وضع مقلق بكل ما لكلمة مقلق من معنى. فهذه الدول تتحرّك شوارعها يومياً رافضة أي شيء وكل شيء...وما يؤلم فعلاً أن هذا الرفض يطال تحرّك الشعوب نفسها، الى درجة التقاتل مع بعضها البعض ومع السُلطات القائمة بالواسطة، والسُلطات التي ما زالت قائمة بالاكراه وأيضا السُلطات الاسمية التي لا تملك شيئا من السلطة.

للأسف.....
عندما غزا الاميركيون العراق، وأعلنوا من خلال ادارة الرئيس الاميركي بوش الابن، انه آن الاوان لقيام شرق اوسط جديد....
بعد ذلك اعتقدنا ان هزيمة اصحاب تلك الفكرة في الانتخابات الرئاسية الاميركية، ومجيء ادارة اميركية جديدة برئاسة رجل يحمل اسماً عربيا اسلاميا، سيلغي تماما تلك الفكرة، وأن ادارة الرئيس ستعمل على وضع الامور في منطقة الشرق بنصابها الطبيعي، وتُرجع الحقوق الى أصحابها، وتعمل على تعميم السلام خصوصا وانها اعلنت انهاء احتلالها للعراق.. وهي تنسحب بالفعل.. فهللنا وفرحنا ورقصنا من الفرحة.... ولكن عدنا وصُدمنا بما يجري من مآسي ترافق هذا الانسحاب الاميركي من العراق.

في العراق بدأت مدن ومحافظات تُعلن استقلالها اداريا وحكومة العراق مُتّهمة بأنها منحازة الى ايران او أميركا أو الاثنين معا، وبغضّ النظر عن صحة أو عدم صحة هذا الاتهام، فالواقع ان الحكومة العراقية عاجزة عن السيطرة على شؤون البلاد وتوحيد الشعب العراقي، بل هي في أحسن أحوالها ساكتة عن ما يجري من مشاكل طائفية ومذهبية وعرقية في طول البلاد وعرضها.

وهذه ثورة مصر ستبلغ عامها الاول قريبا، والدولة ما زالت بلا رئيس، وتعاني من هزّات عنيفة، لعدة اسباب منها بقاء الجيش في حكم البلد، ومنها نجاح احزاب اسلامية في الانتخابات البرلمانية، ومنها عجز الحكومات المعيّنة من المجلس العسكري بادارة شؤون البلاد والعباد، ومنها غير ذلك من الاسباب التي تبقي مصر مشلولة شللا كاملا.

وفي سوريا يستمرّ العنف الدامي بين النظام والمعارضة، وتظلّ أسباب تطوّر هذا العنف غير مفهومة لدى المواطن السوري العادي، الذي وجد نفسه فجأة وبدون أية مقدّمات يعيش ازمة حقيقية تؤثّر على معيشته وحياته ومستقبل عياله. ولا يبدو في الافق ما يشير الى أنّ هذا الوضع الامني في سوريا سينتهي في القريب المنظور.

وبوجود الاحزاب المسلّحة اللبنانية وغير اللبنانية في لبنان وعلى رأسهم حزب الله الذي استطاع أن يلعب دوراً مهماً ومؤثراً في توازن القوة مع اسرائيل، تبقى الحكومة اللبنانية إن كانت أكثرية او أقلية، في شلل متواصل وعاجزة عن اتخاذ اية قرارات تستطيع ان تنتشل المواطن اللبناني من العناء الدائم وتحسّن ولو قليلاً من ظروف حياته ومعيشته في وطنٍ لم يشهد أية راحة أمنية منذ عام 1967. ومعاناة المواطن اللبناني مرجّحة ان تتزايد مع استمرار الاحداث في سوريا، نظرا الى ترابط سوريا ولبنان في ملفات سياسية متشابكة اقليميا ودوليا.

للأسف....
تتشابه الاحداث، وتتقمّص الامم المتحدة شخصية عصبة الامم في القرن المنصرم، وها هي تسعى من جديد الى فرض حالة معينة على بيتنا العربي تستطيع ان تدوم فترة زمنية اخرى تقصر أو تطول وفق المصالح الغربية في دولنا العربية، وتتوقّف على ما اذا سيجدون دمى جديدة تحكمنا وتنفذّ ارادتهم.
وتبقى شوارع بقية الدول العربية براكين خامدة تشتعل او تخبو وفق نجاح الخطط الموضوعة للعراق ومصر وسوريا ولبنان...وأيضا فلسطين والاردن واليمن والسودان.

ولكن هذه المرّة يبقى مسعى الامم المتحدة علينا، بحراك وادارة اميركية وتعاون مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وبالاشتراك مع تركيا ومحاولة روسيا أن تكون ضيف الشرف في هذا الفيلم الاجنبي الطويل والممل والمقيت والجاري تصويره في ربوعنا العربية.

فهل سيرجع عهد الاستعمار بلبوس مختلف؟
للأسف............

سامي الشرقاوي

07‏/12‏/2011

هل عرض نصر الله التحاور على السلاح الخفيف والمتوسط؟


في طلّته الأخيرة في عاشوراء، قال السيد حسن نصر الله كلاما عن سلاح المقاومة، لم تتلقّفه وسائل الاعلام، ربما لسبب مجهول أو أن هذا الكلام ممنوعا لغاية الآن من التداول. والى ان يحين موعد تداوله اعلاميا، أريد هنا أن ألقي الضوء عليه، لأنه باعتقادي طرحاً طرحه أمين عام حزب الله وإن بشكل غير مباشر ليصار مادة متوافق عليها للحوار بين اللبنانيين.
ماذا قال السيد حسن نصرالله؟

"فلنكن واقعيين: ماذا يؤدي الى الفتنة الداخلية؟ هي اسلحة مثل الكلاشنكوف او المسدس او الـ"آر بي جي" او القنبلة، ولكن كل اللبنانيين لديهم هذه الاسلحة، فهل رأيتم صواريخ "رعد" أو "زلزال" أو "حيفا" أو "ما بعد بعد حيفا" تستخدم في فتنة؟ أو صواريخ رعد وزلزال وخيبر؟ من يريد ان ينزع او يفكر ان ينزع صاروخ الزلزال هذا يريد ان يقدم خدمة جليلة لإسرائيل، يعني ما عجزت اسرائيل عن فعله يريد ان يحققه البعض من خلال الحوار، وأنا أقول لكم ان هذا الامر لن يتحقق ولن يحصل .........."

لا بدّ أن يفهم المرء من كلام زعيم حزب الله عرضاً غير مكتمل، ولكنه يبقى بداية جيدة للتفاهم حول سلاح حزب الله على الاقل الخفيف والمتوسط منه والذي يظهر من آن لآخر في شوراع المدن والقرى اللبنانية وبين الحارات والازقة.

وللإنصاف، فإن اشارة السيد نصر الله الى ان هذا السلاح الخفيف والمتوسط هو ليس فقط بيد حزب الله ولكنه أيضا بيد جميع سكان لبنان تقريبا، المدنيين والحزبيين، وأيضا بيد بعض المقيمين على الارض اللبنانية من فلسطينيين وسوريين وايرانيين وغيرهم.

ويبقى ايضا الحق مع زعيم حزب الله أن الصواريخ بكافة أنواعها، تبقى من صلب التوازن العسكري بين لبنان (المقاومة) وبين اسرائيل، وأن الذي يريد انتزاعها هو عن ارادة او بدون قصد يريد ان يقدم خدمة جليلة الى اسرائيل.

وأريد هنا أن اسأل سؤالين:
1-   لماذا طرح السيد حسن نصرالله (في حال صدق ظني انه طرح طرحاً) الآن؟
2-   لماذا يصرّ السيد نصرالله أن يبقى التوازن العسكري بين لبنان واسرائيل فعليا بين المقاومة (حزب الله) واسرائيل؟ وليس بين الدولة اللبنانية واسرائيل؟

بنظري أن ما تشهده الساحة العربية بشكل عام وما تعكسه على الساحة اللبنانية بشكل خاص، من توتر طائفي مذهبي محموم، هو الذي جعل قيادة حزب الله تقرر التهدئة، لأن أتون المذهبية اذا ما استعر سيحرق كل الافرقاء في لبنان ومن بينهم وربما أولهم حزب الله، حتى ولو انتصر حزب الله عسكرياً في الداخل اللبناني وتفوّق على ما عداه من القوى على الساحة اللبنانية.

ويبدو أن ايران تؤيد حزب الله في مسعاه الى التهدئة، لأن السياسة الايرانية الاقليمية، اهتزّت اهتزازا قويا، مع الاحداث الجارية في سوريا، ومع تقدّم تركيا الواضح في المنطقة، ووصول الاحزاب الاسلامية السنية الموالية لتركيا الى مقاليد الحكم في المغرب وتونس ومصر، ومتوقع وصولها ايضا الى المشاركة في الحكم في ليبيا وربما سوريا والاردن.

ومن الطبيعي ان يكون من نظر حزب الله كمقاومة، أن لا يُمكّن العواصف حوله من هدّ ما بناه على مدى ثلاثة عقود تقريبا، وتفتيت ما وصل اليه من قوة عسكرية وسياسية في لبنان. خصوصا وأن العدو الاسرائيلي يتربص ويتحيّن الفرص لينقضّ انقضاضة واحدة على حزب الله ويقضي على بنيته العسكرية كما فعل بمنظمة التحرير عندما اجتاحت اسرائيل لبنان عام 1982.

أمّا الجواب على السؤال الثاني، فيبقى نظرياً يعود الى عدم ثقة حزب الله بالدولة اللبنانية، لأن هذه الدولة وبرغم كل مآسيها، فقد حافظت على تعدديتها وديمقراطيتها، لذلك فإن أخشى ما يخشاه حزب الله هو وصول حكومة فاعلة في لبنان لا تؤيد مسيرة الحزب كمقاومة، وتقرر مصادرة كل سلاحه وعتاده.

ونظريا، يمتدّ عدم الثقة الى الجيش اللبناني، الذي ما زال يتلقى دعما عسكريا ولوجيستيا من عدة دول اجنبية من بينها دول اوروبية والولايات المتحدة الاميركية العدو اللدود لحزب الله.

اذا ما قرر الافرقاء في لبنان، التجاوب مع حزب الله وطرح امينه العام بنزع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة من الشوارع اللبنانية، يكون لبنان بطبيعة الحال قد سلك مسلكا ايجابيا نحو الامن والاستقرار، لا يزعزعه الا امران: الاول خارجي في حال شنت اسرائيل حربا شاملة على حزب الله، والامر الثاني داخلي يرتبط بنزاع الفصائل الفلسطينية مع بعضها البعض.

لذلك، فإن مسألة نزع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة من اللبنانيين لا تكون كاملة الا اذا وجدت الدولة اللبنانية حلا للسلاح الفلسطيني المتواجد على اراضيها، أو على الاقل خارج المخيمات الفلسطينية في لبنان. وهذا الامر هو بيد القيادة السورية التي تحمله ورقة من ضمن اوراقها للمساومة مع خصومها المحليين والاقليميين والدوليين. وأيضا بيد السلطة الفلسطينية وحركة حماس الجاري بينهما اجراءات مصالحة ونوايا حكومة وحدة وطنية، التي ربما تكتمل ولادتها مع ولادة الحكومة المصرية، وقرار الجامعة العربية بشأن سوريا.....

في كل الاحوال، ما قاله السيد حسن نصرالله عن السلاح الخفيف والمتوسط، وإن كان مجرد "جس نبض"، فمن الحكمة ان يؤخذ على انه طرح مباشر ويتعاطى معه اللبنانيون على هذا الاساس. لانه يمكن ان يكون بداية لحل يخدم الشعب اللبناني قبل ان يخدم أي طرف آخر من الاطراف.

سامي الشرقاوي

04‏/12‏/2011

الطوق يكاد يكتمل حول حزب الله


مع النتائج الاولية للمرحلة الاولى من الانتخابات المصرية، يظهر بوضوح تفوق الاحزاب الاسلامية واقترابها من تحديد هوية الحكومة المصرية، وتباعا نوع السياسة الجديدة التي ستمسك زمام الامور في مصر.
وقبل ذلك فاز الاسلاميون في كل من تونس والمغرب.

وليس الاتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس على تأليف حكومة وحدة وطنية الا تلميع سياسي لصورة حماس الاسلامية، ومحاولة تميل الى النجاح لنأي حركة حماس عن التعاون مع ايران، بعد أن فقد النظام السوري قدرته التأثيرية على الحركة، بسبب ما يجري في سوريا من معارضة داخلية وضغوط عربية ودولية، شلّت القيادة السورية ومنعتها من لعب دورها الاقليمي التقليدي.
وسوريا الآن تنزح تحت نير صراعات داخلية هائلة، قد تكون نتيجتها نجاح الاخوان المسلمين بالسيطرة على الحكم في سوريا او على الاقل المشاركة في هذا الحكم.

واذا ما تم سقوط النظام في سوريا، فمن الطبيعي ان حزب الله سيجد نفسه محاطا بطوق اسلامي سني شديد، يكون في أدنى تأثيره المباشر قطع خطوط الامدادات العسكرية عن الحزب.

وتلعب تركيا اليوم، دور الراعي للحركة السنية المتجددة في المنطقة، وتلعب المملكة العربية السعودية دور المرشد الاعلى.
وقد بدأت اللهجة العسكرية التركية يعلو صوتها ضد القيادة السورية، كما بدأت اللهجة السعودية تأخذ منحى غير معهود في انتقاد ايران، الى درجة تشبيهها بإسرائيل ووصفها بالخطر والعائق امام السلام في المنطقة، وذهاب رئيس المخابرات السعودية الامير مقرن الى ابعد من ذلك، بأن قال في خطابه أمام منتدى الخليج والعالم المنعقد في الرياض، انه على دول الخليج عدم مراقبة فقط التقارير الخاصة بالملف النووي الايراني، بل عليها ان تبحث ايضا عن استراتيجيات جديدة تضمن أمنها الاقليمي، عبر آليات تضمن عدم التدخل في شؤون الغير، واحترام سيادة الدول، والامتناع عن التلويح بالقوة في العلاقات الدولية والاقليمية. كما اوضح ان سياسة التهديد والوعيد لا تخدم الامن الاقليمي، بل تؤدي الى نظرية توازن الرعب.
يحتمل كلام الامير مقرن، عدة تفسيرات اهمها الاعلان أن السياسة الهادئة للملكة السعودية في مواجهة الازمات التي تعصف بالمنطقة، ورغم نجاحها الى حد ما، قد لا تستمر. وأن الاستراتيجية الجديدة للسعودية هي مقابلة التهديد والوعيد بالمثل وإن كانت هذه السياسة غير محبذة لانها ستؤدي الى توازن رعب قد يشعل المنطقة برمتها.
ويحتمل كلامه ان يكون رسالة هادئة الى ايران للكف عن سياستها التصعيدية في المنطقة والاقتناع ان هذه السياسة لن تؤدي الى اية نتيجة، بل بالعكس قد تكون وبالا على ايران والمنطقة.

والسؤال هو كيف ستتلقف ايران كل هذه التغييرات.
طبعا السياسة المعلنة للدول في النوادي الاعلامية، لا تكون بالضرورة تعكس الرؤية الصحيحة والقرار الحقيقي. والاستمرار في التصعيد الكلامي من قبل ايران، يمكن ان لا يعني ان ايران تعني الكلام، بقدر ما يعني انها تريد المقايضة على بعض الامور في المنطقة.

ولكن ما يمكن لايران ان تقايض عليه في المنطقة وسط التغييرات المتسارعة؟

لايران ورقتين قويتين في المنطقة وورقتين يمكن ان يخدمانها بشكل أو بآخر.
الورقة القوية الاولى هي العراق. وهذه الورقة يبدو ان ايران قد تمكنت من امتلاكها بالكامل برضى وقبول من الولايات المتحدة الاميركية.

والورقة القوية الثانية هي حزب الله في لبنان. وبرغم قوة هذه الورقة فهي بدأت تواجه ازمات داخلية واقليمية تضعفها سياسا، وستضعفها عسكريا اذا ما سقط نظام الحكم في سوريا.
ومع ان حزب الله هو حزب مقاومة لبنانية الا ان عقيدته ونظامه وسياسته وقيادته واعضائه وافراده المنتمين اليه سواء المدنيين او العسكريين كلهم ينتمون الى الطائفة الشيعية. ويجوز ان هذا هو سبب ضعفه الاول، في بلد متعدد الطوائف والمذاهب.
ولان المناوئين لحزب الله ومن ورائه ايران، يدركون تماما هذا الضعف، فإنهم عمدوا الى تشجيع الاسلاميين السنة للوقوف بوجه الحزب داخل لبنان وخارجه.

يبدو ان لإيران وبالتالي لحزب الله حلاّن احلاهما مر.
الحل الاول هو مواجهة هذا التحدي بتحريك الورقة البحرينية في الخليج، وهز امن البحرين والجوار بما فيه الجزء الشرقي من المملكة العربية السعودية. وتحريك ايضا الورقة السورية عسكريا ضد المعارضة واسرائيل في آن معا لخلط الاوراق ومنها على الخصوص الورقة الدولية التي استطاعت ان توصل الامور في منطقة الشرق الاوسط الى ما وصلت عليه الى الآن.

والحل الثاني هو عدم مواجهة الموجة، وتجنيب المنطقة وبالاً كاملاً لا يُعفي ايران.
غير ان الحل الثاني يتطلب موافقة على انهاء النظام السوري واليد العسكرية لحزب الله.
والسؤال المهم هو ماذا يمكن ان يقدّم العالم لايران للسير بالحل الثاني، وتجنيب المنطقة وربما العالم حروبا مدمرة.

الجواب يتطلب الامعان في القيادات الدولية والاقليمية المشاركة في لعبة الشرق الاوسط. فهل نرى في هذه القيادات الحكمة أم النقمة؟

يجوز ان القيادات كلها تتمتع بالحكمة. ولكن السؤال الأهم هو هل تتمتع القيادة الحالية في اسرائيل بنفس الحكمة؟
لا أظن ... ولكن يبقى الامل في قوة وفعالية تأثير دول الغرب وبالأخص أميركا على الحكومة الاسرائيلية الحالية بالانضمام الى ركب السلام... أوالاسراع بإتيان حكومة اسرائلية جديدة تنسجم مع التطورات الجارية في المنطقة.

سامي الشرقاوي

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات