04‏/12‏/2011

الطوق يكاد يكتمل حول حزب الله


مع النتائج الاولية للمرحلة الاولى من الانتخابات المصرية، يظهر بوضوح تفوق الاحزاب الاسلامية واقترابها من تحديد هوية الحكومة المصرية، وتباعا نوع السياسة الجديدة التي ستمسك زمام الامور في مصر.
وقبل ذلك فاز الاسلاميون في كل من تونس والمغرب.

وليس الاتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس على تأليف حكومة وحدة وطنية الا تلميع سياسي لصورة حماس الاسلامية، ومحاولة تميل الى النجاح لنأي حركة حماس عن التعاون مع ايران، بعد أن فقد النظام السوري قدرته التأثيرية على الحركة، بسبب ما يجري في سوريا من معارضة داخلية وضغوط عربية ودولية، شلّت القيادة السورية ومنعتها من لعب دورها الاقليمي التقليدي.
وسوريا الآن تنزح تحت نير صراعات داخلية هائلة، قد تكون نتيجتها نجاح الاخوان المسلمين بالسيطرة على الحكم في سوريا او على الاقل المشاركة في هذا الحكم.

واذا ما تم سقوط النظام في سوريا، فمن الطبيعي ان حزب الله سيجد نفسه محاطا بطوق اسلامي سني شديد، يكون في أدنى تأثيره المباشر قطع خطوط الامدادات العسكرية عن الحزب.

وتلعب تركيا اليوم، دور الراعي للحركة السنية المتجددة في المنطقة، وتلعب المملكة العربية السعودية دور المرشد الاعلى.
وقد بدأت اللهجة العسكرية التركية يعلو صوتها ضد القيادة السورية، كما بدأت اللهجة السعودية تأخذ منحى غير معهود في انتقاد ايران، الى درجة تشبيهها بإسرائيل ووصفها بالخطر والعائق امام السلام في المنطقة، وذهاب رئيس المخابرات السعودية الامير مقرن الى ابعد من ذلك، بأن قال في خطابه أمام منتدى الخليج والعالم المنعقد في الرياض، انه على دول الخليج عدم مراقبة فقط التقارير الخاصة بالملف النووي الايراني، بل عليها ان تبحث ايضا عن استراتيجيات جديدة تضمن أمنها الاقليمي، عبر آليات تضمن عدم التدخل في شؤون الغير، واحترام سيادة الدول، والامتناع عن التلويح بالقوة في العلاقات الدولية والاقليمية. كما اوضح ان سياسة التهديد والوعيد لا تخدم الامن الاقليمي، بل تؤدي الى نظرية توازن الرعب.
يحتمل كلام الامير مقرن، عدة تفسيرات اهمها الاعلان أن السياسة الهادئة للملكة السعودية في مواجهة الازمات التي تعصف بالمنطقة، ورغم نجاحها الى حد ما، قد لا تستمر. وأن الاستراتيجية الجديدة للسعودية هي مقابلة التهديد والوعيد بالمثل وإن كانت هذه السياسة غير محبذة لانها ستؤدي الى توازن رعب قد يشعل المنطقة برمتها.
ويحتمل كلامه ان يكون رسالة هادئة الى ايران للكف عن سياستها التصعيدية في المنطقة والاقتناع ان هذه السياسة لن تؤدي الى اية نتيجة، بل بالعكس قد تكون وبالا على ايران والمنطقة.

والسؤال هو كيف ستتلقف ايران كل هذه التغييرات.
طبعا السياسة المعلنة للدول في النوادي الاعلامية، لا تكون بالضرورة تعكس الرؤية الصحيحة والقرار الحقيقي. والاستمرار في التصعيد الكلامي من قبل ايران، يمكن ان لا يعني ان ايران تعني الكلام، بقدر ما يعني انها تريد المقايضة على بعض الامور في المنطقة.

ولكن ما يمكن لايران ان تقايض عليه في المنطقة وسط التغييرات المتسارعة؟

لايران ورقتين قويتين في المنطقة وورقتين يمكن ان يخدمانها بشكل أو بآخر.
الورقة القوية الاولى هي العراق. وهذه الورقة يبدو ان ايران قد تمكنت من امتلاكها بالكامل برضى وقبول من الولايات المتحدة الاميركية.

والورقة القوية الثانية هي حزب الله في لبنان. وبرغم قوة هذه الورقة فهي بدأت تواجه ازمات داخلية واقليمية تضعفها سياسا، وستضعفها عسكريا اذا ما سقط نظام الحكم في سوريا.
ومع ان حزب الله هو حزب مقاومة لبنانية الا ان عقيدته ونظامه وسياسته وقيادته واعضائه وافراده المنتمين اليه سواء المدنيين او العسكريين كلهم ينتمون الى الطائفة الشيعية. ويجوز ان هذا هو سبب ضعفه الاول، في بلد متعدد الطوائف والمذاهب.
ولان المناوئين لحزب الله ومن ورائه ايران، يدركون تماما هذا الضعف، فإنهم عمدوا الى تشجيع الاسلاميين السنة للوقوف بوجه الحزب داخل لبنان وخارجه.

يبدو ان لإيران وبالتالي لحزب الله حلاّن احلاهما مر.
الحل الاول هو مواجهة هذا التحدي بتحريك الورقة البحرينية في الخليج، وهز امن البحرين والجوار بما فيه الجزء الشرقي من المملكة العربية السعودية. وتحريك ايضا الورقة السورية عسكريا ضد المعارضة واسرائيل في آن معا لخلط الاوراق ومنها على الخصوص الورقة الدولية التي استطاعت ان توصل الامور في منطقة الشرق الاوسط الى ما وصلت عليه الى الآن.

والحل الثاني هو عدم مواجهة الموجة، وتجنيب المنطقة وبالاً كاملاً لا يُعفي ايران.
غير ان الحل الثاني يتطلب موافقة على انهاء النظام السوري واليد العسكرية لحزب الله.
والسؤال المهم هو ماذا يمكن ان يقدّم العالم لايران للسير بالحل الثاني، وتجنيب المنطقة وربما العالم حروبا مدمرة.

الجواب يتطلب الامعان في القيادات الدولية والاقليمية المشاركة في لعبة الشرق الاوسط. فهل نرى في هذه القيادات الحكمة أم النقمة؟

يجوز ان القيادات كلها تتمتع بالحكمة. ولكن السؤال الأهم هو هل تتمتع القيادة الحالية في اسرائيل بنفس الحكمة؟
لا أظن ... ولكن يبقى الامل في قوة وفعالية تأثير دول الغرب وبالأخص أميركا على الحكومة الاسرائيلية الحالية بالانضمام الى ركب السلام... أوالاسراع بإتيان حكومة اسرائلية جديدة تنسجم مع التطورات الجارية في المنطقة.

سامي الشرقاوي

ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات