27‏/08‏/2011

نصرالله ضد حراك الشعب السوري، فماذا عن إيران؟


لفتني قول للسيد حسن نصرالله في خطابه الاخير، " لو استطعنا أن نُزيل الاحتلال لن تكون هناك مشكلة قدس ولا لاجئين ولا مستوطنات ولا دولة مستقلة ولا أسرى في السجون ولا خيرات منهوبة. يجب أن تتركز الجهود هنا في هذه النقطة بالتحديد، وخصوصاً بعد انسداد أفق المفاوضات، ويوماً بعد يوم يؤكـد الشعب الفلسـطيني سواءً في الشتات أو في فلسـطين المحتلة أن خياره هو خيار المقاومة، وما العملية النوعية الأخيرة في إيلات والتي هزّت الكيان الصهيوني وقيادته السياسية ومؤسساته العسكرية والأمنية إلا شاهد على وهن هذا العدو".

هذا الكلام صحيح من جهة المضمون، لكن السؤال هو لماذا لم نستطع ازالة الاحتلال الى الآن؟
طبعا لكل طرف جواب على هذا السؤال، لكن مهما كانت الاجوبة، يبقى القاسم المشترك الذي أعاق ازالة الاحتلال، هو الانظمة العربية التي مارست سلطاتها منذ عام 1967 الى الآن، حتى لا نذهب ابعد من ذلك ونقول اسباب نكبة فلسطين عام 1948 لأنه في ذلك العام كانت الانظمة العربية مسؤولة بقدر ما كانت الانظمة العالمية وعصبة الامم منظِّمة لتلك النكبة وضياع فلسطين.

صحيح ان المقاومة هي خيار الشعب الفلسطيني، ولكن للأسف ضاع هذا الشعب في متاهات انقلاب المقاومة الفلسطينية على نفسها، حيث نتج عن هذا الانقلاب قيام عدّة "مقاومات" لكل واحدة منها سياسة وعقيدة واسلوب، يختلف شكلا وموضوعا عن غيرها، مما أدّى الى تضعضع المقاومة الأم بحد ذاتها وافسح مجالا واسعا أمام الكيان الاسرائيلي ليدخل مع دول عالمية مؤثرة في المنطقة، وايضا دول اقليمية على خط تسعير الخلافات الى حد وصل الى التشابك المسلح وقتل الاخ لأخيه.

واذا كانت اسرائيل ودول الغرب لهم حجّتهم ومصالحهم في تسعير هذه الخلافات، فما هي مصالح الانظمة العربية والاقليمية في هذا التسعير؟


كما لفتني قوله: " اليوم في الموقف الرسمي وفي الموقف الشعبي الأهم، الآلاف الذين ما زالوا يفترشون الأرض أمام سفارة «إسرائيل» في القاهرة، ويطالبون بطرد السفير الإسرائيلي، هذا لم يكن يحصل في السابق. عندما تتحرك مصر فهذا يعني أن هناك تحولاً إستراتيجياً مهماً في المنطقة، أنظروا ما جرى في الأيام القليلة الماضية أنا لا أسميه تحركاً مصرياً، أستعمل عبارة عامية: «نحنحة»، يعني «تنحنحت مصر شوي»، فاهتزت إسرائيل، حيث خرج (بنيامين) نتنياهو ليقول للإسرائيليين: لا نستطيع أن نذهب إلى عملية برية واسعة ضد غزة لأن هذا سيؤثر على علاقاتنا مع مصر، فكيف لو أن الموقف المصري بدأ يتبدل تدريجياً بالاتجاه الأفضل والاتجاه الأحسن، وهذا هو ما نراهن عليه ونتوقعه، نتيجة معرفتنا بأصالة وعظمة الشعب المصري والجيش المصري".
أيضا هذا الكلام صحيح، ونستخلص منه أنه بمجرّد عزل النظام السابق في مصر استطاع الشعب المصري وحكومته منع اسرائيل من شن هجمات برية ضد غزة، وأوقفت أيضا هجماتها الجوية. ما يعني ان النظام المصري السابق كان في موقع "طناش" وغض النظر عن كل ما تقوم به اسرائيل من اعمال عدائية وعدوانية، ضد غزة وشعبها العتيد.
واذا اراد السيد نصرالله أن يقول كلمة حق عن ما يجري في سوريا، يجب عليه أن ينظر بنفس العين الى النظام السوري، ويسأل نفسه ما اذا كان النظام السوري استطاع أن يمنع عدوانا على غزّة؟
واذا كانت غزّة بعيدة جغرافيا، فهل استطاع النظام السوري أن يمنع حربا او عدوانا على لبنان، أو حتى خرقا لمجاله الجوي من قبل اسرائيل؟

أهمية النظام السوري بالنسبة الى السيد نصرالله تنحصر (وفق تعبيره) في تأمين هذا النظام الامدادات العسكرية واللوجستية من ايران عبر سوريا الى حزب الله.
فهل يعتقد السيد حسن نصرالله أنّه اذا نجح الشعب السوري في قلب نظام الحكم في سوريا، أن هذه الامدادات ستنقطع؟ ولماذا؟

كل ما قاله السيد نصرالله في خطابه الاخير عن مخططات تقسيم المنطقة، وتنازلات لصالح اسرائيل، وتحريض مذهبي وطائفي في سوريا ولبنان، هو صحيح. ولكن الا يرى السيد حسن نصرالله أن سياسة حزب الله في لبنان تساهم بشكل او بآخر في انجاح هذا التحريض. خصوصا وهو يتهم في نفس الوقت شريحة كبيرة من اللبنانيين على انهم يساهمون في توتير الاوضاع، ومساعدة اسرائيل عن علم او دون علم.. فلا يتهمهم بالعمالة ولا يبرئهم منها.. ويصدف ان هذه الشريحة هي في موقع آخر سياسي وطائفي ومذهبي....
أليس الاجدر أن يتقرّب السيّد نصرالله من هذه الشريحة، ويشعرها بالثقة بدل مهاجمتها في كل حين؟
أليس الاجدر أن يتقرّب السيد حسن نصرالله من الشعب السوري، ويشعره بالثقة وهو يقول ان هذا الشعب هو مثال العروبة والوطنية؟
أيكون الشعب السوري غير وطني اذا اراد ان ينقلب على نظامه؟
أيكون جزء من الشعب اللبناني، غير وطني الى درجة العمالة اذا لم يتماشى مع سياسة حزب الله في لبنان والمنطقة؟
كيف يصح الحراك الشعبي في نظر السيد حسن نصرالله في مصر وليبيا مثلا، ولا يصح حراك الشعب السوري؟

على كل حال هذا موقف حزب الله من خلال أمينه العام السيد حسن نصرالله. فماذا عن موقف ايران؟
هناك مؤشرات بدأت بالظهور مؤخرا من ايران، وتحديدا بعد زيارة الامير القطري، أن السلطات الايرانية، بدأت تميل اكثر الى فكرة تأييد الشعب السوري ومطالبه، والعمل في هذا الاتجاه، ولو كان هذا التحول يأتي "بالتمني" على القيادة السورية والرئيس السوري بالتحديد، بوقف العنف والبدء بالتحاور الجدي مع شعبه. فقد دعا وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي الحكومة السورية إلى "تلبية مطالب شعبها المشروعة"، محذراً من ان سقوط الرئيس السوري بشار الأسد سيولد فراغاً سياسياً.
وقد نبّه صالحي الى "ان فراغ السلطة في سوريا ستكون له عواقب غير متوقعة على الدول المجاورة وعلى المنطقة ويمكن ان تسبب كارثة في المنطقة وابعد منها".
واكد ان سوريا حلقة مهمة من حلقات المقاومة في الشرق الاوسط والبعض يريد التخلص من هذه الحلقة، مطالباً حكومات المنطقة بأن تكون يقظة بشأن التدخل الاجنبي في شؤونها.
وأضاف صالحي: على الحكومات ان تستجيب للمطالب المشروعة لشعبها، سواء في سوريا او اليمن أوغيرها .
هذا الكلام يصح ان يكون موجها بشكل مباشر الى الرئيس بشار الاسد والرئيس اليمني علي صالح. وبهذا يكون مختلفا كلاما عن منطق السيد نصرالله في حديثه عن النظام السوري.
فماذا في الافق؟
ما يزال هناك غيوم كثيفة تحجب الرؤية، بيد أن هذه الغيوم تتحرك بسرعة كبيرة، ويمكن ان تُُفسح قريبا على جلاء الامور.

سامي الشرقاوي

19‏/08‏/2011

أعيدوا لنا هيبة المقاومة وبسمة رفيق الحريري


ما أن صدر جزء من القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري، حتى انبرى متطوّعون كثر ليدلو بدلوهم مع أو ضد القرار، في الصحف وعلى شاشات التلفزة... فاستوجب الرد والرد على الرد وذلك الى ما لا نهاية.
لم يخالف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ومعه انصاره هذا النظام، كما لم يخالفه رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري ومعه انصاره. فتنافس الجمعان بتقديم المرافعات ودحض وتأييد الأدّلة، الى درجة بلغت حدّ اصدارهم الحكم النهائي عوضا عن المحكمة.

كل فريق يحاول استمالة جمهور غير جمهوره، والحقيقة ان الجماهير الحقيقية الفعلية قد ملّت سماعهم، كما ملّها الشهداء الذين راحوا ضحية هذا العمل الجبان، وعلى رأسهم الشهيد رفيق الحريري.

والحقيقة ان حزب الله وبغض النظر عن خلفية القرار الظني للمدّعي العام لدى المحكمة الدولية، اذا كان مسيّسا أم بريئا، فإن تعامله مع هذا القرار بهذه السلبية السياسية، قد أبعد هيبة المقاومة عنه، وأنزل نفسه في مستنقع سياسي قذر يعلم الله كيف سيستطيع الخروج منه.

والحقيقة أيضا أن سعد الحريري وبغض النظر عن جرحه الكبير وحزنه العميق وغضبه الشديد لاغتيال والده، ومعه كل الحق في ذلك اولا لأن المغدور الشهيد والده وثانيا لما يمثّله رفيق الحريري للبنان واللبنانيين. بيد أن الامعان في التعاطي السياسي مع هذه القضية الجلل، يكاد يفقدها الجوهر الذي هو جريمة الاغتيال بحد ذاتها.

لا يمكن لأي عاقل ان لا يرى في هذه الجريمة سياسة، فالمغدور رجل سياسة، وخلفية الجريمة خلفية سياسية... الا انها فوق كل هذا تبقى جريمة نكراء وعمل اجرامي مشين وشنيع ويجب تقديم مرتكبيها للمحاكمة.
كما لا يمكن لأي عاقل ان لا يرى ان حزب الله مستهدف سياسيا، فهو ورقة صعبة على الساحة اللبنانية العربية، الا ان تعاطيه السلبي بهذا الشكل مع القرار الظني، يضعف ورقته ويفقده ما تبقى من رصيده السياسي كمقاومة او على الاقل جزء كبير منه.

هذا القرار الظني الصادر عن المدّعي العام لدى المحكمة الدولية، هو قرار ظني، وليس قرار محكمة، ويبقى ضمن هذا الاطار الى ان يأخذ العدل مجراه فتثبت التهمة او تكون التبرئة. وعلى ضوء القرار النهائي للمحكمة وما يستند اليه من قرائن وأدّلة بالتبرئة أو الادانة، سيتعامل الشعب معه فإن كان جائرا احبطه وإن كان عادلا أيّده.

والمتهمون الاربعة ليسوا مناصرين عاديين لحزب الله كما جاء في القرار الظني، بل مقاومون شرفاء كما وصفهم حزب الله وامينه العام السيد حسن نصر الله. الا انهم متّهمون بارتكاب جريمة غير عادية، واذا لم يبادر حزب الله بالتعامل المقنع مع هذا القرار فسيرقى الشك الى اليقين، ليس فقط لدى المحكمة الدولية، بل لدى جمهور عريض على الساحة العربية.
كما وأنه اذا لم يبادر سعد الحريري وفريقه السياسي، الى لجم هذا التوتر السياسي الحاصل، والتعليقات الغير مفيدة والغير مجدية، فيُخشى ان يستغلّ أعداء لبنان والوطن العربي كله، فرصة هذا التوتر وينفدو من خلاله ليغرقونا في ظلمات فوق ما نحن عليه من ظلمات.

لقد جلب لنا العند والمكابرة (كأمّة عربية) ويلات شديدة في العصر الحديث، ونحن نكرّر نفس الاخطاء وكل فريق يتوهّم انه الاقوى مع انه يعلم علم اليقين أن قوّته الحقيقية ليست في تحالفاته السياسية وما يتبعها من قدرات واهية على الارض، بل في وحدته مع غيره من ابناء شعبه.

والجماهير الفعلية هي تلك الجماهير الصامتة، التي لا تنزل الى الشارع للهتاف والتصفيق، بل هي الجماهير البسيطة التي ليس معها ما يقيتها، والجماهير المثقّفة التي لا تستهويها الخطابات المسيّسة، والجماهير العاملة التي ليس لديها ما يسدّ حاجاتها اذا توقّف عملها، والجماهير المؤمنة أن وطنها هو الانتماء الاول لها، وليس لأشخاص ولا لأحزاب.

اتقّوا الله في الناس وفي أنفسكم، وكفاكم نزاعات لا توصل الا الى خسائر متواصلة.
لا تظنّوا ان احدا منكم باستطاعته أن يفوز وينتصر في معركة هي أساسا وجدت لكي يخسر الخاسر فيها والرابح.

أعيدوا لنا هيبة المقاومة وبسمة رفيق الحريري.

سامي الشرقاوي

05‏/08‏/2011

المشهد الاخير: سقوط الانظمة و....الثورات


عندما فاز الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن برئاسة الولايات المتحدة الاميركية، وبمجرّد تسلّمه المنصب رسميا، قامت طائرتان حربيتان أميركيتان بالاغارة على مواقع للجيش العراقي، بنحوِ يشير الى تهديد أميركي مباشر للرئيس العراقي السابق صدّام حسين.
وبعد الهجوم الارهابي لمنظمة القاعدة على أهداف مدنية وعسكرية داخل الولايات المتحدة، ردت الاخيرة باحتلال أفغانستان معقل طالبان وقاعدة أسامة بن لادن، وتم انهاء نظام طالبان في أفغانستان. ثم قررت استنادا على معلومات استخباراتية خاطئة الى حد "الهبل" بالهجوم على العراق واحتلاله عسكريا وانهاء نظام صدّام حسين.
بعد ذلك أعلنت كوندوليسا رايس وزيرة الخارجية الاميركية في عهد بوش الابن، بدء العدّة لشرق أوسط جديد.
وعندما فاز الرئيس الحالي باراك أوباما بالرئاسة الاميركية، أعلنت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ان اسرائيل هي حجر الزاوية لسياسة الولايات المتحدة الخارجية وأمنها القومي.
وربما أن هذه العبارة تفسّر السبب الحقيقي للهجوم المسعور للولايات المتحدّة على ايران وبرنامجها النووي، اضافة الى اعلان الرئيس الايراني التعهد بإزالة اسرائيل.

وعندما هزّت الازمات الاقتصادية العالم الغربي، تأثر بها العالم العربي، وبالطبع ايران التي فُرض عليها فوق ذلك عقوبات اقتصادية تهدّ الجبال وينوء تحتها أقوى الجمال.
ثمّ بدأت علاقة ود ملفتة بين ايران وتركيا، في مقارعة السياسة الغربية في الشرق الاوسط، وبرغم أن لايران وتركيا أهدافا مختلفة، بيد أنهما رأيتا في ما يجري في المنطقة والعالم ما يوجب التلاحم بدل التباعد حرصا على عدم الخسارة الكلية.

غير أن كل هذه الظروف تبدّلت مع قيام الثورة الشعبية التونسية وهروب الرئيس بن علي، والثورة الشعبية المصرية وتنحّي الرئيس مبارك.
ثم اشتعلت سريعا الثورات الشعبية اليمنية والليبية والسورية، في وقت أن الثورتين التونسية والمصرية لم تكتملا بعد من ناحية التوافق (الشعبي) على نظام حكم جديد للبلدين.
اتّخذت الثورة الليبية بعدا سياسيا وعسكريا مختلفا، حيث تضامنت الدول الغربية، مع اصدقائها وحلفائها في العالم العربي، واستطاع الغرب ان ينتزع من الجامعة العربية، تخويلا بالتدخل العسكري في ليبيا ومساعدة الثوار ولكن بشرط ان يقتصر دور القوات الاجنبية على ضرب المواقع العسكرية الليبية لاضعافها كي يسهل على القوات (الشعبية) الليبية التغلب عليها.
كل هذا اصطدم بعناد القذافي، الذي سخى على مؤيديه ومرتزقته بالاموال، وفتح خزائن السلاح الذي اشتراه يوما منذ 20 عاما من روسيا بكلفة 5 مليار دولار حتى جاء موعد استعماله اليوم ضد شعبه من اجل بقائه في الحكم.
أما الثورة اليمنية، فهي ما زالت غير مفهومة ويختلط فيها عدة امور منها الدعم الصلب للرئيس اليمني من بعض القبائل والعشائر وبعض دول الخليج، والدعم الخفيف للرئيس اليمني من الدول الغربية، ومن ناحية المعارضين فنرى ان نسبة قليلة ولكن لها قوة ونفوذ مالي تحرّك نسبة كبيرة من الشعب اليمني الذي يترنح تحت عبء الفقر وانتقاص كبير من حقوقه الانسانية.
وتبقى النتيجة الى الآن في اليمن مع رئيس مصاب لدرجة الشلل لا يزال يتمسّك بموقعه وهو خارج البلاد، ومعارضة تستفرس في خلعه، وصراع وراء الكواليس على الحكم الجديد، وبداية تشابك قبلي ومذهبي بين المعارضين يوشك أن يظهر الى العلن.
الثورة الشعبية في سوريا، تتميّز بثقافتها برغم أن الشعب هناك منقسم بين نزعتين واحدة دينية واخرى علمانية. ولكن بدأت هذه الثورة تأخذ منحى تصاعدي في الاعمال العسكرية معها وضدها حتى كادت سوريا ان تتحول الى ساحة حرب أهلية حقيقية.
الخلاصة تدل على ان كل هذه الثورات في العالم العربي، لم تنشب فقط بسبب قهر الانظمة لشعوبها، بل أيضا بسبب قهر الانظمة للمعارضين السياسيين لها من أحزاب وهيئات سياسية ودينية واجتماعية أخرى.
الانظمة الشمولية التي بنظري جاء بها الاستعمار الغربي بعد ان رحل عن المنطقة، كان دورها المطلوب هو قمع الشعب واية حالة سياسية ممكن ان تؤثر ايجابا على التنمية الفكرية، والقومية العربية، حتى لا تقترب من أمن اسرائيل.
لذلك كان سلام مصري واردني وفلسطيني(منظمة التحرير) مع اسرائيل، والتزام سوري بابقاء جبهة الجولان هادئة الى درجة التطبيع على الامر الواقع.
ولكن المعادلة السورية تبدّلت بعد دعم سوريا مباشر لحزب الله وسياسة ايران في لبنان، وفوران شعبي ضد النظام المعيب الذي كان يحكم مصر، وأثره بتغيير نظرة المصريين من التطبيع مع اسرائيل. هذا في الداخل المصري. أما على المستوى الاقليمي فقد عرقل النظام المصري السابق المصالحة بين الفلسطينيين التي كان يريدها الغرب ضمنا وترفضها اسرائيل علنا. بدليل أنهم أعلنوا المصالحة بمجرد رحيل النظام وعلى نفس البنود.

اثناء الحرب الباردة، تجاذب الغرب والاتحاد السوفياتي نفس الانظمة لتنضم الى هذا المعسكر او ذاك. واليوم نرى ان حسم الامور بات مختلفا. والصراع على انظمة الدول العربية صار صراعا واضحا بدليل اختلاف الدول في منظمة الامم المتحدة.

وهناك في الافق بداية انهيار التوافق التركي الايراني. بعد تأييد ايران للمعارضة الشيعية في البحرين واليمن، وبعد ضرب السلطة العسكرية السورية مدينة حماة معقل الاخوان المسلمين. ويأتي في سياق الاحداث المستعرة على الساحة العربية اتهام المحكمة الدولية الخاصة عناصر من حزب الله باغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري عام 2005، لتكمل فصول هذه التراجيديا على الشعوب.

ويبقى المشهد الأخير واسدال الستارة غير بعيد، بعد أن بات العامل الاقتصادي يضغط بشدّة على الولايات المتحدة واوروبا، كما يضغط على ايران وتركيا وطبعا المنظومة العربية كلها.

ويبدو ان أقرب الطرق لحسم الامور وأقلّها كلفة، هو حسمها عسكريا بدءا بالقضاء على البنية التحتية لحزب الله في لبنان بواسطة اسرائيل، أو على الاقل اغتيال زعيمه كما لمّحت جريدة الديار اللبنانية بالامس.
فالقضاء على حزب الله في لبنان يشل بالنتيجة ايران وسوريا في المنطقة، كما يعطي الزخم للمعارضة الليبية والثورة المصرية ويحسم الوضع في اليمن.
كما سيضعف حركة حماس ويضطرها الى انهاء المصالحة بشكل تام ونهائي مع السلطة الفلسطينية، وتكون النتيجة اعتراف الغرب بدولة فلسطينية تقبل بها اسرائيل ولو على مضض.

غير ان هذا الغليان السياسي في المنطقة لن ينته بانتهاء الانظمة فيها. لأن عامل الحركات الدينية في المنطقة وخصوصا في مصر وسوريا سيؤثر تأثيرا مباشرا على انهاء الثورات الشعبية، وحسمها من قبل الانظمة الجديدة، والتي بدأت مصر بحسمها وانهائها.

وبعد كل هذا يبقى السؤال الاهم، كيف ستكون الانظمة الجديدة وكيف سيكون تعاملها مع شعوبها ومع دول العالم الغربي والشرقي ومع اسرائيل؟

التحرك السياسي الدولي قريبا سيعطي الجواب على هذا السؤال.

سامي الشرقاوي
www.samicherkaoui.blogspot.com

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات