31‏/12‏/2011

ماذا لو نشط تنظيم القاعدة من لبنان?


هذا سؤال مباشر الى ثلاثة اطراف في لبنان: الدولة اللبنانية، حزب الله وتيار المستقبل.
والغرض من السؤال ليس توخّي الاجابة، لأنه ليس بمقدور طرف ان يجيب، لأنه يعرف ان الاجابة على هذا السؤال ستجعله يقف امام مرآة تريهُ وجهه السياسي البشع.

السؤال طبعا موجّه بطبيعة الحال الى كل الجهات اللبنانية الفاعلة في لبنان، وأيضا الى كل الاطراف الغير لبنانية الفاعلة في لبنان.

خلفية السؤال مبنية على وجود سجال عقيم بين القوى اللبنانية، بعد أن وجّه وزير الدفاع اللبناني التهمة الى بلدة عرسال اللبنانية بإيواء افراد من تنظيم القاعدة، ينشطون منها الى داخل الحدود السورية، وبناء عليه وجّه بعض السؤولين السوريين التهمة الى تنظيم القاعدة بالتفجير الذي حصل في مدينة دمشق الاسبوع المنصرم وذهب ضحيته عشرات القتلى والجرحى.

والسجال القائم حاليا في لبنان عقيم، لانه بين السياسيين اللبنانيين المنقسمين في عقائدهم السياسية، الذين لا يرتكزون على اية معلومات موثوقة عندما يتراشقون التهم، خصوصا وان الاجهزة الامنية بما فيهم الجيش اللبناني، لا تجرؤ على تأكيد او تكذيب تلك الاتهامات.

ولكن لنفترض ان معلومات وزير الدفاع خاطئة، وهذا ما يبدو على الارجح... وأنه ليس هناك أي نشاط لتنظيم القاعدة في لبنان ... فلماذا هذه المعلومات المضللة وما القصد منها؟

ولنفترض أيضا ان هذه المعلومات صحيحة، فلماذا لا تؤكدها السلطات المعنية، وخاصة الجيش اللبناني الذي نشر وزيره تلك المعلومات وأصر على تأكيدها...لكن من دون أدلة موثّقة.

طبعا في كلتا الحالتين الامر خطير ومقلق...
ففي حالة ان المعلومات كاذبة، فلماذا يطلقها وزير لبناني محسوب على الاكثرية اللبنانية التي يترأس قرارها حزب الله؟
ولماذا يريد حزب الله ان يتّهم بلدة لبنانية محسوبة على تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري، وهو يعرف (أي حزب الله) ان ابعاد هذا الاتهام سيشعل النار التي هي الى الآن محصورة تحت رماد الفتنة الشيعية السنية؟
ولماذا لا يؤكد الجيش اللبناني هذا الخبر او ينفيه؟ وقيادة الجيش اللبناني تعلم علم اليقين ان مصداقيتها امام فئة لا بأس بها من اللبنانيين ليست على ما يرام، بسبب عدم قدرة هذه القيادة على ايجاد التوازن الايجابي في التعامل مع المناطق اللبنانية.

أما في حالة ان المعلومات صادقة، فكيف سيتعامل تيار المستقبل معها، وبلدة عرسال واهلها محسوبين عليه؟ وهو يعلم علم اليقين ان ايواء هذا التنظيم سيجر تفاعلات سلبية على كل المستويات الداخلية والاقليمية والدولية؟
ولماذا لا يؤكدها الجيش اللبناني بأدلة موثوقة وموثقّة لتكون غطاء سياسيا وشعبيا له اذا اراد أن يشن حملة تطهير وتخليص البلدة من تلك العناصر الارهابية؟ طبعا اذا كانت موجودة فعلا.

وما يزيد في الطين بلة، ان المجلس اللبناني الاعلى للدفاع، التأم منذ يومين ليناقش هذه المسألة وخرج في نهاية اجتماعه ببيان لم يفهم منه اي لبناني ما اذا كان هناك نشاط لتنظيم القاعدة في لبنان أم لا.

في كل الاحوال نريد أن نأخذ فرضية ان هنالك فعلا نشاط لتنظيم القاعدة في لبنان، فما هو موقف الدولة اللبنانية منه؟
وأيضا ما هو موقف حزب الله؟ لأن هذا التنظيم لا بد ان يعمل على اضعاف حزب الله في لبنان واضعاف النظام السوري الحليف الضروري للحزب.
كما ان تنظيم القاعدة على المذهب السني، وهو يجهر بالعداء للشيعة وهذا يضر بطبيعة الحال بالتعايش السني الشيعي في لبنان الذي يشهد اوهن حالاته في هذه الفترة.
لذلك فالسؤال ايضا موجه الى تيار المستقبل ما اذا كان يرضيه ان يعمل تنظيم القاعدة في لبنان على فتنة سنية شيعية؟

البعض يقول ان النظام السوري يخلق تلك الاتهامات بقصد وضع حد لتهريب السلاح الى الداخل السوري وتقوية المعارضة السورية في صراعها مع النظام، خصوصا وان هذا الصراع بات يتطور يوميا الى صراع عسكري بكل ما للكلمة من معنى.
ولكن هل هذا الاسلوب سيحد من تدفق الاسلحة ام سيزيد من تدفقها؟ لا اظن ان القيادة السورية وصلت الى هذا الحد من الدرك والتهور.

الموضوع متشابك جدا، وخطير جدا ويبدو انه مقدّمة لزج لبنان في متاهات الصراعات الحاصلة في منطقة الشرق الاوسط. وهذا ان حصل فسيكون لبنان ساحة معارك شرسة لن يسلم منها احد.

نعود الى الدولة اللبنانية لنسأل الى متى ستظل هذه الدولة لا حول لها ولا قوة...يستبيحها احزابها وسياسيوها وجيرانها وضيوفها واصدقاؤها واعداؤها وكل من تعاطى شأنها؟
والى حزب الله لنسأل الى متى سيظل هذا الحزب يبتعد عن المقاومة الحقيقية ضد العدو الاسرائيلي؟ والى متى سيمعن في التخلي عن قواعد شعبية مهمة تستطيع ان تحصّنه وتزيد منعته وتقوي شكيمته وشوكته في صراعه مع اسرائيل؟ والى متى سيظل قراره بالغرق في مستنقع السياسة اللبنانية ووحولها القذرة؟
والى تيار المستقبل لنسأل الى متى سيظل هذا التيار يقود اعلاما سخيفا غير مدروس يزج بالشباب اللبناني المنتمي له في مغامرات مقلقة؟

من المرجح أن تنظيم القاعدة ليس متواجدا في لبنان.... لكن من المؤكد ان هذا الغباء السياسي الذي يغطي لبنان ويلبس جميع اطرافه... سيؤدي الى تواجد هذا التنظيم وتفعيل نشاطه من هذا البلد.
واذا لم يكن هؤلاء السياسيين في لبنان في حالة غباء...
فأي وصفٍ اذن يصلح ان يُطلق عليهم؟

سامي الشرقاوي

ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات