08‏/12‏/2012

تحضيرات لحرب كونية غير معلنة مسرحها الشرق الاوسط




اذا جاز التعبير فإن "المحور" اليوم هو روسيا والصين وإيران و"الاحزاب" الداخلية الحليفة. وإن "الحلفاء" اليوم هم الولايات المتحدة واوروبا وتركيا و"الاحزاب" الداخلية الحليفة.
وبرغم كل التحليلات السياسية المناقضة، فإن اسرائيل ليست ضمن لعبة التحالفات بالمعنى السياسي للكلمة ولكن بالمعنى الاستراتيجي لانها بطبيعة الحال ستكون المستفيد الاول والاخير لاي نتيجة تفرضها هذه الحرب.
وايضا وبرغم ان القضية الفلسطينية هي أم القضايا في المنطقة وهي السبب الأول لكل ما يجري فيها بمعنى الضحية، فالفلسطينيون سيكونون بمنأى عن هذه الحرب الا ان فلسطين ستتأثر وربما بشكل ايجابي جدا بنتائج هذه الحرب اذا قامت.
لماذا هذا الكلام؟
لا شك ان ما يجري في دول المنطقة اليوم هو ليس ربيعا عربيا بقدر ما هو تفريغ للحالات السياسية والعسكرية وللانظمة القائمة فيها.
ولو كانت مقادير الامور بيد القوى الداخلية المتصارعة لكان الوضع حُسم لهذا الطرف أو ذاك بدون أي تأخير. إنما ما يجري هو بتدابير خارجية والمقاليد بيد قوى خارجية تتصارع بشكل معلن سياسيا وغير معلن عسكريا، بدليل أن كل قوة من القوى الخارجية تدافع عن "فئات" عسكرية مختلفة في الداخل. وهذا واضح ومعلن سياسيا داخل وخارج اروقة الامم المتحدة والمنابر الخارجية الاخرى.
ولأن صعوبة الحسم العسكري للقوى المتصارعة عسكريا بات يشكل ضغطا مترايدا على اسرائيل وبالتالي على نفوذ القوى الخارجية داخل المنطقة فإن القوى الاساسية في الخارج بدأت تتحضر لانهاء الحالة العسكرية القائمة كلّ لمصلحته عسكريا وسياسيا.
هذا ليس تحليلا سياسيا بقدر ما هو احصاء لتحركات عسكرية فعلية يقوم بها حلف الناتو بوجهٍ تركي وتقوم بها روسيا بوجهٍ ايراني.
التحضيرات العسكرية الروسية بدأت بارسال الادوات والعتاد والاسلحة وحتى الفصائل الى المنطقة وبالتحديد الى سوريا ولبنان ووصلت البوارج الروسية والايرانية الى سواحل طرطوس حتى بور سودان.
اما القوات البحرية الاميريكية والبريطانية فقد وصلت الى تركيا وانتشرت تحديدا حول حدود سوريا الشمالية مع تركيا والجنوبية مع الاردن ووقفت بوارجها متأهبة في البحر الابيض المتوسط مع نصب حزام لصواريخ باتريوت على الحدود التركية السورية.
أما الاحزاب السياسية الداخلية التابعة للاطراف الدولية والاقليمية المتناحرة فوظيفتها تقتصر على التأجيج السياسي وابقاء المناوشات العسكرية قائمة تقوى وتخفت وفق نجاح او فشل مفاوضات الغرف السرية بين المتصارعين في الخارج.
كل هذه التحضيرات لا تعني ان الحرب ستقع غدا او ستقع حتماً لأن كل الاطراف غير قادرة على دفع ثمنها الاقتصادي والسياسي لذلك يسعى الجميع الى تجنب وقوعها بأية وسيلة .. وهذا ما يسبب اطالة الازمة.
ولكن اطالة الازمة باتت ترخي ظلا آخر لم يكن في الحسبان او خالف توافقات سابقة بين الاطراف.
فعندما توافق الجميع بما فيهم اسرائيل على وجود حكم اسلامي ديمقراطي معتدل في تونس ومصر مثلا، فوجئوا بأن الحكّام هناك  باتوا يتصرّفون غير ذلك الامر الذي ادّى الى حصول ثورات مضادة وقلائل لا تحمد عقباها. وهذا ما أثّر فعليا على تردد الغرب في تسليح المعارضة السورية بشكل مباشر واصرار على ان يكون التسليح تحت اشراف مباشر (على الاقل) تركي.
الحكم الاسلامي السني في مصر وسوريا لا يرضي سوريا وايران وبات ايضا يقلق اميركا والغرب.
بيضة الميزان اليوم في مصر.
فالوضع المصري هو الذي يقرر حتمية نشوب الحرب او حتمية توافق الغرب على تقاسم الحصص في المنطقة بشكل سلمي.
والجيش المصري اليوم اعطى انذارا مبّطنا للقوى السياسية المتنافرة في الداخل بما فيها رئيس الجمهورية بأنه لن يسمح بحال الفوضى ان تستمر... ربما البيان الثاني للجيش المصري سيكون اعلان الانقلاب العسكري تجنبا للفتنة.
الانقلاب العسكري اذا تم سيتم على الارجح بتوافق روسي اميركي غربي وسيكون بداية لحسم الحالة السورية وبداية لاعلان دولة فلسطين بموافقة اسرائيل التي سيعطيها الجميع الضمان الامني الذي تريده.
ايران وفق مجرى الاحداث غير بعيدة عن هكذا اتفاق لان امتداد الازمة بات يشكل خطرا عليها في الداخل عدى على ان العقوبات الاقتصادية بدأت تخنقها بشكل كامل.
اشارة الموافقة ارسلتها ايران كالعادة بواسطة حزب الله في لبنان حين اعلن السيد حسن نصر الله بالامس ان حزب الله هو المستفيد الاول من وجود دولة لبنانية قوية وقال ان مشروع الحزب هو الدولة وهدفه هو الدولة الواحدة الموحدة.
لا شك ان الامور تزداد تعقيدا كل يوم لذلك فالحسم بات انجع حل ونأمل ان يكون حسما سلميا لا حسما حسما عسكريا .... لأن الحسم العسكري عدا عن انه صعب جدا ومكلف جدا وسيخطف آلافا مؤلفة من الابرياء فهو ايضا سيسبب بكارثة غير مسبوقة في التحول الجيو- ديمغرافي للمنطقة وسينشيء تطرّفا دينيا ومذهبيا غير مسبوق ليس فقط في المنطقة بل في العالم اجمع.
أما النتيجة الايجابية في جميع الحالات ستكون لاسرائيل لانها ستنعم بسلام .... الى حين
سامي الشرقاوي

ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات