20‏/11‏/2012

هل يحقق توازن الرعب السني الشيعي اليهودي السلام في المنطقة؟




عنوان غريب لمنطق غريب لكن أليس ما يحصل في المنطقة منذ سلبت اسرائيل الوطن الفلسطيني وحرمت ابناء فلسطين من ابسط حقوقهم هو أيضا من غرائب الامور؟

قبل الخوض في شرح هذا التوازن "المخيف" للرعب، وكيف يكون سببا في احلال السلام، لنقرأ جيدا التحول الجاري حصوله في المنطقة ونستلهم منه بعض المؤشرات اذا استطعنا.
عندما انسحبت اسرائيل من الجنوب الللبناني عام 2000، تكرّس الوضع الميداني وايضا السياسي هنالك لحزب الله الشيعي الذي يقود المقاومة "الاسلامية" ضد اسرائيل. وحزب الله لا ينفي صبغته الشيعية بل ان السيد حسن نصر الله جاهر بالانتماء الى ولاية الفقيه، ولكنه حرص على القول ان هذا الانتماء ليس هدفا للتطبيق في لبنان!

وعندما استعر النزاع المسلح بين الاطراف الفلسطينية في غزة تمكنت حماس من السيطرة على كامل قطاع غزة وتطبيق احكام الشريعة الاسلامية السنية فيها!
وكانت سوريا وايران الداعمان الاساسيان لكل من حزب الله وحماس تحميان ظهرهما وتمدانهما بالاسلحة وتؤمن لهما اللوجيستية المطلوبة لاستمرار تدفق السلاح لمقاومة اسرائيل!

في الحربين الاخيرين عام 2006 و 2008 التي شنتهما اسرائيل على حزب الله وحماس، تفاجأت اسرائيل ومعها الولايات المتحدة بالقوة الضاربة لكل من حزب الله وحماس، والمقدرة العسكرية والتقنية في التخطيط وبغزارة الصواريخ القريبة والمتوسطة وحتى بعيدة المدى التي يمتلكها الفريقان!

منذ تلك النتيجة المخزية لاسرائيل، عمدت اسرائيل وحلفائها الى تغيير نوعي في الاستراتيجية المتبعة في منطقة الشرق الاوسط، وبعد ان رفض "الحلفاء" توجيه ضربة عسكرية الى ايران التي كانت اسرائيل تحث كل الاطراف على اعطائها الضوء الاخضر السياسي للقيام بتلك الخطوة كما فعلت سابقا في العراق وفي سوريا؟

كان لحلفاء اسرائيل رؤية اخرى للسيطرة على الامور في الشرق الاوسط وتأمين حزام أمني لاسرائيل. هنا بدأت قصة "الربيع العربي" من تونس.
طبعا الحرية هي المطلب الدائم للشعوب العربية، التي حكمتها انظمة بوليسية على مدى عقود من الزمن. ولأن تلك الانظمة وخصوصا في ليبيا ومصر قد برهنت لدول الغرب عدم قدرتها على الاستمرار بالدور المطلوب منها، فانها رأت بالانتفاضة العربية فرصة سانحة من أجل التغيير "في الانظمة".
ولأنهم رأوا ان الاعتدال الاسلامي السني الذي يطبق في الحكم بتركيا، والذي يقيم علاقات "صداقة" مع اسرائيل ممكن ان يطبق ايضا في تونس وليبيا ومصر دعموا الاحزاب الاسلامية في تونس ومصر.
تردد الاخوان المسلمين في مصر بتأمين المعادلة المطلوبة لاخضاع غزة وتأمين اسرائيل، وتشعب الحركات السلفية هناك وظهور منظمات مسلحة في سيناء جعلت "حلفاء" اسرائيل يعيدون النظر ويمنعون التنظيم الاسلامي من الوصول الى الحكم في ليبيا.
في تلك الاثناء، وجدوا ان اي ضربة عسكرية لحزب الله لن تجدي، الا بقطع الامدادات عن حزب الله ولو بالتضحية بالنظام السوري الذي ابقى جبهة الجولان السورية الاسرائيلية آمنة الى اقصى الحدود طوال اربعة عقود.
غير ان المفاجئة كانت ان "الثورة" في سوريا جائت بسرعة ملفتة لم يقدر "الحلفاء" الى الآن على استيعابها بشكل كامل. وهم ما زالوا يسعون اقصى جهدهم لابعاد سيطرة الاخوان المسلمين بشكل مباشر على سوريا والمجيء بمزيج حكم لا يكرس الطائفية ولكنه يبقى تحت السيطرة التركية.
هذه المعادلة في سوريا من الممكن ان تبقي حزب الله قوة عسكرية في لبنان مع وقف التنفيذ للمقاومة ضد اسرائيل؟ وبهذا يتأمن الجانب الشمالي من اسرائيل طالما ان حزب الله بموافقة ايران يتبع سياسة الهدنة المعلنة او غير المعلنة مع اسرائيل. وبنفس الوقت تبقي لايران نفوذا ومصالح استراتيجية مع لبنان كما لها مع العراق لكن بشكل مختلف نظرا لان تنوعية لبنان ودستوره وانفتاحة لا يمكن تغييرها بل يمكن الاستفادة منها!
العدوان الاخير على غزة جاء وكأنه امتحان للرئيس المصري اذا ما كان قادرا على السيطرة على حماس وتأمين جنوب اسرائيل!
فإن لم يكن قادرا فإن الخطة البديلة على ما يبدو جاهزة للاطاحة به وانهاء حكم الاخوان المسلمين وقد بدأت ظواهر التمرد على الرئيس مرسي وحكومته تظهر باصرار في الشارع المصري.
مصر الآن امام خيارين لهدف واحد.
الخيار الاول قبول الرئيس الحالي بكبح القوة العسكرية لحماس وتأمين الجانب الاسرائيلي.
أو قلب نظام الحكم في مصر وسيطرة العسكر مرة اخرى للقيام بالمهمة الاستراتيجية.

حماس بالطبع ترغب ان تكون في صلب المعادلة وهي رقم صعب فيها وحليف مر للرئيس المصري. لذلك فشروط حماس اليوم لوقف اطلاق النار تبدأ من فك الحصار القائم على غزة.
فك الحصار القائم شرط لا ترضاه اسرائيل الا اذا اخذت ضمانات من مصر.
مصر سترضى بتقديم الضمان اذا وافقت اسرائيل على اعطاء حماس استقلالية فعلية في غزة برعاية مصرية، وايضا باعتراف الدول بها على غرار اعترافهم بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتضمن تركيا بالطبع هذا الاتفاق.
اذا حصل ذلك فتكون حماس المنظمة السنية قد وافقت على عدم اطلاق النار على جنوب اسرائيل ومنع اي منظمة فلسطينية او غير فلسطينية اخرى من اطلاق النار من غزة على جنوب اسرائيل ويشمل ذلك صحراء سيناء.
ويكون حزب الله الشيعي قد وافق ضمنيا على عدم التعدي على اسرائيل ومنع اطلاق النار من داخل لبنان على شمالي اسرائيل.
تبقي هذه المعادلة معلقة الى ان يستقر الوضع في سوريا ويتبين من هو الطرف القوي الذي سيمسك زمام الامور في سوريا ويؤمن امن اسرائيل في الجولان وأيضا بطريق غير مباشر من لبنان. أي بقطع الطريق اللوجستي لحزب الله الذي يمر عبر سوريا؟

للأسف مرة وألف، فإن كل الحاصل هو لتامين امن اسرائيل ولو على حساب الشعوب العربية كلها.
لذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه.
من يضمن عدم تعدي اسرائيل على دول المنطقة؟
واذا تحقق هذا النوع من السلام بين اسرائيل وجيرانها الضعفاء والاقوياء، فكيف سيكون الوضع الاجتماعي للشعوب العربية. وبالتالي ما هو وضع الاقليات المسيحية، وكيف سيكون تمازجهم في المجتمع والدولة؟
وماذا سيكون وضع الدولة الفلسطينية المفترضة، وأين، وهل ستكون غزة جزءا منها وكيف؟

والسؤال الاهم.... الى متى ستظل هذه الهدنة قائمة؟
وكيف ستسقط؟
سامي الشرقاوي
 

ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات