20‏/01‏/2015

اسرائيل وايران بين الجنون والاتزان

اسرائيل وايران بين الجنون والاتزان

عندما تتداخل الامور ببعضها البعض في اية مسألة من المسائل، يصبح الحل صعبا ويتطلب اما تدبيرا جذريا او معالجة استثنائية تكون في كثير من الاحيان بعيدة كل البعد عن المنطق.
والمسألة التي تواجهها منطقة الشرق الاوسط، لا تشذ عن هذه القاعدة,
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، أصبحت هذه المنطقة حقل تجارب، تمارس الدول الغربية وايضا الشرقية عليها وفيها شتى انواع الاختبارات، قياسا لتنوع اطياف شعوبها واديانها  ومذاهب أديانها وأعراقها، فضلا عمّا تتمتع به من غنىً في تاريخ حضاراتها وتراثها.
وعندما استطاعت عصبة الامم ان تزرع دولة اسرائيل بين الدول العربية، وتلغي فلسطين، لم تنتبه تلك الامم وعصبتها ان تلك الدولة الصغيرة ستسبب فيما بعد حالات من القلق والهلع والحروب في المنطقة يكون من الصعب لجمها او التعامل معها من دون اجراءات جذرية، بعد فشل المعالجات الاستثنائية الغير منطقية.

واليوم نحن امام مشهد بالغ الاهمية والخطورة بعد ان قامت اسرائيل باعتداء سافر على كوادر حزب الله ومعهم قادة من الحرس الثوري الايراني في القنيطرة بمنطقة الحولان السوري دافعة بالمواجهة بينها وبين حزب الله الى مواجهة علنية ومباشرة مع ايران.
ابران لم تخف نبأ العملية الاسرائيلية كما لم تخف نبأ مقتل الجنرال دادا وهو احد اهم فادتها العسكريين. فماذا يعني ذلك؟
في ابسط تحليل هذا يعني ان ايران قبلت المواجهة دون ان تعلن عن ذلك!

 وصف حزب الله ماجرى بأنه "حماقة الكيان الصهيوني" وهذا صحيح ... لأن اسرائيل خرجت عن التفاهمات الدولية وضربت بعرض الحائط كل الهدن العير معلنة، واتحذت الحكومة الاسرائيلية الحالية قرارا مجنونا بتوسيع المواجهة وجعلها مباشرة مع ايران، وهي تعرف ان ايران وحزب الله سيردان ردا موجعا حسب "تعبير حزب الله" انما المهم ان نفهم لماذا فعلت اسرائيل ما فعلته وماذا سيجر الرد عليها اذا قام حزب الله او ايران او الاثنين معا بالرد بعملية عسكرية مشابهة او اوجع؟
كثير من المحللين يقولون ان اسرائيل تبغي من وراء عمليتها الاخيرة مغامرة عسكرية مع ايران، تلهب منطقة الخليج العربي الايراني برمته، ويجوز ان تمتد الى الهند وباكستان، واشعال حرب شبه عالمية.
لماذا؟
يقولون ان اسرائيل مستائة من الحوار الغربي الايراني وانها لا تريد لايران ان تمتلك منظومة نووية عسكرية ولا حتى مدنية وهذا ما دفعها لشن الهجوم بالتزامن مع انعقاد جلسات الحوار مع ايران والدول المعنية.
لكن هنالك نظرة اخرى للامور
فصعوبة الحسم العسكري للقوى المتصارعة عسكريا في سوريا والعراق بات يشكل ضغطا مترايدا على اسرائيل وبالتالي على نفوذ القوى الخارجية داخل المنطقة، لذلك فإن القوى الاساسية في الخارج قد بدأت فعلا تتحضر لانهاء الحالة العسكرية القائمة كلّ لمصلحته عسكريا وسياسيا.
هذا ليس تحليلا سياسيا بقدر ما هو احصاء لتحركات عسكرية فعلية يقوم بها حلف الناتو وتقوم بها روسيا في المنطقة
التحضيرات العسكرية الروسية بدأت بارسال العتاد والاسلحة وحتى الفصائل الى المنطقة وبالتحديد الى سوريا ولبنان. وقد وصلت البوارج الروسية والايرانية الى سواحل طرطوس حتى بور سودان. بدليل انه بدأ يتسرب في الاعلام عن وجود طاقم عسكري روسي مع كوادر حزب الله وايران عندما شنت اسرائيل غارتها!
اما القوات البحرية الاميريكية والبريطانية فقد وصلت الى تركيا وانتشرت تحديدا حول حدود سوريا الشمالية مع تركيا والجنوبية مع اسرائيل، وقوات برية الى الاردن ووقفت بوارجها متأهبة في البحر الابيض المتوسط مع نصب حزام لصواريخ باتريوت على الحدود التركية السورية. وقد انشأت البحرية البريطانية قاعدة لها في البحرين ذكّرت بتاريخ بريطانيا في المنطقة قبل وبعد الحربين الاولى والثانية.
كل هذه التحضيرات لا تعني ان الحرب ستقع غدا او ستقع حتماً لأن كل الاطراف غير قادرة على دفع ثمنها الاقتصادي والسياسي لذلك يسعى الجميع الى تجنب وقوعها بأية وسيلة .. وهذا ما يسبب اطالة الازمة.
انما لاسرائيل حسابات اخرى وكالعادة هي حسابات غير مدروسة مبنية على "خربطة الاوراق" محاولة الاستفادة من اية نتيحة ستظهر على الارض.
لذلك تبقى ايران هي بيضة الميزان.
فهل ستميل ايران الى الاتزان، وتغليب لغة السياسة على الحرب، ام ستسبق اسرائيل في الجنون واشعال المنطقة بأسرها في حرب لا يستطيع احد تقدير كيف يمكن ان تنتهي؟

سامي الشرقاوي



ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات