02‏/04‏/2011

الأنظمة العربية تسهّل للغرب تفتيت المنطقة – مرّة أخرى


الجزء الاول
أعجبني حديثا للسيد عزمي بشارة على قناة الجزيرة، وخصوصا ما قاله بشأن زعماء الانظمة العربية، وعن تمنيه لو أنهم يفترضون ولو افتراضا على أن شعوبهم هم الذين صنعوهم ولا يصدّقون كذبة انهم هم الذين يصنعون شعوبهم.
توقفت كثيرا عند هذه العبارة، وبت أفكّر في تحليلات عدة لها، ورأيت أن الثابت فيها انه اذا كان هناك افتراض في حالة ما، فهذا يعني أن الحالة الحقيقية هي عكس الحالة الافتراضية تماما.
إذن، اذا لم تكن الشعوب العربية هي صانعة قاداتها فمن الذين صنعهم؟
بالطبع لا يستطيع أحد أن يصنع نفسه، فالخالق غير المخلوق.
حرت في هذا السؤال، وذهبت في التاريخ القريب لأفتش على جواب يشفي غليلي، ويهديني الى حقيقة ما. فماذا رأيت؟
أول ما وضح أمامي أن الانظمة العربية الحالية كلها بلا استثناء حبلت بها المنطقة بعد الحرب العالمية الاولى، وولدت مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك لأن الامة العربية جمعاء كانت تحت الاحتلال الاستعماري الغربي.
ورأيت أن قادة هذه الانظمة جميعهم دون استثناء هم من عمر أنظمتهم، بمعنى أنه ولد النظام وولد معه قائده. بالطبع هناك استثناءات بمعنى أن بعض الانظمة في بعض الدول ولدت متأخرة عن أنظمة في دول أخرى. وأن بعض القادة تثبّتوا متأخرين عن تثبيت قادة آخرين، ولكن بالنتيجة لم ينته عقدين من الزمن بعد الحرب الثانية الا وأن كل القادة الذين مازالوا الى اليوم( وبعضهم رحل كمبارك وبن علي)، قد حافظوا على مراكزهم ما يزيد على ثلاثة عقود أو أربعة في حالة القذافي. وكل هؤلاء القادة أتوا بعد حالات ثورية انقلابية أطاحت بأنظمة وأنشأت أنظمة أخرى.
فكيف حصلت تلك الحالات الانقلابية؟ ولماذا ؟ ومن كان وراء المنقلبين وأنظمتهم الجديدة؟
سنأتي على هذا بالتفصيل، ولكن لا بد أن نعرف أولا شيئا عن القادة السابقين الذين حكموا بلادهم، خلال فترة الاحتلال الاجنبي. من كانوا؟ وكيف حكموا؟ وماذا فعلوا؟ ولماذا رحلوا؟ وكيف وصل القادة الحاليين المخلوعين والباقين برسم اقدارهم؟
كان الهم الرئيس للاستعمار الاجنبي بعد الحرب الثانية، هو ايجاد وطن لليهود المشتّتين في العالم، والذين كانوا سببا بارزا لقيام الحرب العالمية الثانية. وبحكم وجودهم كقوى احتلالية في منطقة الشرق الاوسط وفي فلسطين بالذات، رأوا أن الاوان مناسب لايجاد دولة اسرائيل مكان دولة فلسطين وعلى أراضيها، وهذا ما حصل.
بالطبع قامت قيامة الامة العربية كلها، وغضب الملوك والرؤساء العرب، وهددوا وأرعدوا ومنهم من بعث بفيالق عسكرية الى فلسطين لطرد اليهود، غير أنهم جميعا وافقوا في النهاية على هدنة مع دولة اسرائيل الجديدة التي نراها قائمة الى يومنا هذا.
ولكي تظل هذه الدولة قائمة الى يومنا هذا، كان لا بد من ارضاء الدول العربية، بمنحهم استقلالهم من الاحتلال الاجنبي، وهذا ما حصل تباعا في جميع الدول العربية التي أصبحت حرة مستقلة كلها، وفي خاصرتهم دولة اسرائيل التي أصبحت امرا واقعا توافقيا حتى في الخلاف. كيف؟ سنوضح ذلك بعد قليل، ولكن لنستعرض قبلا دور الحكام العرب في خلق دولة اسرائيل ولنبدأ من دولة فلسطين والمملكة الاردنية والعراق وجميعها كانت واقعة تحت حكم الانتداب البريطاني.
بعد تأسيس دولة اسرائيل عام 1948 بدأ ظهور مصطلحان جديدان هما الضفة الغربية وقطاع غزة، وتم ضم الضفة الغربية مع الاردن وفرضت مصر حكما عسكريا على قطاع غزة. وكان نزاع الملك الاردني عبد الله الاول بن الحسين مع المفتي أمين الحسيني سببا رئيسا لضم الضفة الغربية الى الاردن، واقامته علاقات صداقة وسلام مع الدولة اليهودية الجديدة. ويعود لهذا الملك تأسيس المملكة الاردنية الهاشمية بعد الثورة الكبرى التي قادها والده ضد الاتراك حيث قدم الى الشام لمحاربة الفرنسيين الذين طردوا أخاه فيصل من سوريا، ولكن البريطانيون أوقفوه في شرق الاردن وعرض عليه تشرشل حكم امارة الاردن عام 1920. وفي عام 1946 نالت امارة الاردن استقلالها وأصبحت مملكة حاول ملكها ااقناع العرب بقبول قرار تقسيم فلسطين. الا أن جامعة الدول العربية رفضت وخصصت أموالا لبناء جيش لتحرير فلسطين بقيادة أمين الحسيني، لكنها ما لبثت ان اتخذت قرارا بغلق معسكرات التدريب وتسريح المتطوعين، والاكتفاء بفيلق صغير رفض قيادة الحسيني ولم يكن بمقدوره بسبب ضعفه القيام بأية نشاطات عسكرية، وفي النهاية لم يصل من الاموال شيئا الى فلسطين. ويروي قائد الجيش العربي الاردني من عام 1939 الى عام 1956  البريطاني غلوب باشا والمعروف "بأبي حنيك"، في مذكراته أنه تم الاتفاق بين توفيق ابو الهدى رئيس وزراء الاردن آنذاك، وأرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا وبحضوره (غلوب باشا) على أن يدخل الجيش الاردني الى فلسطين ولكن ليس لتحريرها من اليهود بل لضم الضفة الغربية الى الاردن وهي الجزء الذي قسّمته الامم المتحدة للعرب، شرط على ان لا يدخل هذا الجيش أرضا خصصتها الامم المتحدة لليهود ولا يقاتل اليهود مطلقا.
بعد اغتيال الملك عبد الله الاول، لم يستطع ولي عهده الملك طلال الحفاظ على العرش أكثر من عام واحد قضاه بتحسين العلاقات الاردنية المصرية، وخلفه ابنه الحسين عام 1952 وكان أول تحدي حقيقي له هو التعامل مع الثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر، الذي خلع الملك فاروق وطرد الانكليز من مصر. فسارع الحسين الى تعريب جيش الاردن واقصاء غلوب باشا وانهاء المعاهدة البريطانية ورفض استغلال بريطانيا قواعدها في الاردن لضرب مصر. وأعلن بالمقابل عن قيام الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن، ولكنه لم يستمر طويلا بسبب اطاحة النظام الملكي في العراق بثورة عسكرية. وفي عام 1967 سحب الحسين جيشه من الضفة الغربية بعد هزيمة القوات المصرية والسورية، وبعد أن تعرض جيشه لخسائر فادحة ي الارواح والمعدات، قيل أن سببه الخلافات العربية وتضارب أوامر القيادة العربية المشتركة. ولكن الاردنيون تفانوا في هذه الحرب بالدفاع عن القدس واستشهد منهم المئات. ثم خاض الحسين مع قوات تابعة لحركة فتح معركة الكرامة ضد اسرائيل عام 1968 بعد ان حاولت احتلال الضفة الشرقية للاردن فمنيت بهزيمة نكراء اضطر الجيش الاسرائيلي على اثرها الى الانسحاب الكامل دون التمكن من سحب قتلاهم ومعداتهم. بيد ان نار الفتنة اشعلت الخلاف بين الاردن وحركة فتح انتهت بحرب مؤسفة عام 1970 ادّت الى انهاء المقاومة الفلسطينية في الاردن وطرد وفرار جميع قاداتها وعناصرهم، بعد اتهام الفصائل الفلسطينية بمحاولة اغتيال الملك والقيام بانقلاب يعلنون فيه الدولة الفلسطينية مكان المملكة الاردنية.
تمكنت المقاومة الفلسطينية من تحويل لبنان الى قاعدة عسكرية بمساعدة سوريا، وحوّلوا هذا البلد الى بلد مواجهة بامتياز مع اسرائيل. وخلال تلك الفترة شهد لبنان حربا أهلية شنيعة مزّقت كيانه، وقسّمت بنيه واراضيه. واستطاعت سوريا بتثبيت وجودها العسكري في لبنان. ولما شعرت اسرائيل بالقلق من الحالة اللبنانية، دخلت قواتها العسكرية الى لبنان ودمرت البنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية، التي فرّ قوادها الى شمال لبنان ثم الى تونس تحت الضغط العسكري السوري.
نجحت الولايات المتحدة الاميركية بتحقيق صلح بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، كما نجحت من قبل بتحقيق السلام بين مصر واسرائيل. ونالت الضفة الغربية حكما ذاتيا، واستقل قطاع غزة عن اسرائيل ومصر وفلسطين.
في مقابل سلام فتح مع اسرائيل ولدت حركة حماس مدعومة من سوريا، واستطاعت لاحقا التفرد بحكم قطاع غزة وطرد السلطة الفلسطينية منها. فكان النجاح الامثل لاسرائيل والغرب بشق الصف الفلسطيني، وتنصيب الدول الغربية حكما لفض النزاع ليس فقط بين فلسطين واسرائيل بل ايضا بين الفلسطينيين أنفسهم. وما زال الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعيش عزلة دولية فرضتها عليه اسرائيل والدول الغربية مع "تطنيش" عربي، ومساعدة من النظام المصري اثناء حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ونجحت اميركا ومعها دول الغرب بتحقيق السلام أيضا بين الاردن واسرائيل ليلحق الاردنيون بركب المصريين والفلسطينيين، وأصبح الخط  من الاردن الى فلسطين المحتلة وقطاع غزة امتدادا الى مصر خطا آمنا لدولة اسرائيل، برغم وجود حركة حماس في قطاع غزة. وبقي العراق ليكمل الخط الآمن من الجهة الاخرى.
وفي العراق نشأت المملكة العراقية عام 1921 واستمرت حتى عام 1958، وكانت أول دول المنطقة التي نالت استقلالها من الاحتلال البريطاني عام 1932 بقيادة الملك فيصل الاول ابن الشريف الحسين بن علي، الذي كان يطمح بالزعامة العربية في المنطقة بعد انهيار نظام الخلافة العثماني. غير ان التنافس على الزعامة العربية كان على أشده بين آل سعود في نجد والحجاز وهي الاسرة الحاكمة في الاراضي المقدسة الاسلامية مكة والمدينة المنورة، والتي شهدت تأسيس نظام الخلافة على أيدي الخلفاء الراشدين، وبين العائلة الهاشمية زعيمة الثورة الكبرى على الاتراك، في شمال الجزيرة وبلاد الشام والعراق، وأيضا العائلة العلوية من سلالة محمد علي في مصر.
وفي عام 1958 اندمج العراق مع الاردن في كيان الاتحاد الهاشمي العربي، غير انه ما لبث ان انهار بعد قيام عبد الكريم قاسم بانقلاب عسكري على الحكم الملكي الموالي لبريطانية في العراق واعلانه الجمهورية العراقية في 14 تموز 1958 التي أنهت الحكم الهاشمي في العراق.
عمدت الدول العظمى عام 1921 تنفيذ مقررات مؤتمر القاهرة بقيادة ونستون تشرشل الذي قرر تقسيم الولايات العربية وفصلها عن بعضها بمنحه كل منها الاستقلال عن الاخرى وعن الامبراطورية العثمانية، ومنع توحدها تحت أي ظرف من الظروف. كما تقرر الغاء نظام الخلافة وعدم تطبيقه في أي من الدول العربية الجديد، وعدم اعتماد الشريعة الاسلامية في التشريع ونظام الحكم.
كان الملك غازي الاول الذي تولى عرش العراق بين 1933 و 1939 ثاني ملوك العراق، وكانت له نزعة قومية عربية، ناهض بها النفوذ البريطاني في العراق واتهم بريطانيا بسلب ثروات العراق النفطية والتراثية، وظهر في عهده تقاربا مع الحكومة النازية في ألمانية، وانتهت حياته في حادث سيارة "غامض".
تولى الملك بعده ابنه فيصل الثاني، وبسبب صغر سنه كان خاله عبد الاله وصيا على العرش فيما كان نوري السعيد يدير شؤون الدولة العراقية. ونوري السعيد له دور بارز في قيام حلف بغداد عام 1954 والذي أنشأت الولايات المتحدة الاميركية فكرته، ووعدت بدعمه عسكريا واقتصاديا. وكان هذا االحلف أقيم أساسا للوقوف بوجه المد الشيوعي في الشرق الاوسط، وينخرط فيه الى جانب المملكة المتحدة كل من العراق وتركيا وايران وباكستان.
انسحب العراق من الحلف بعد ثورة عبد الكريم قاسم، الذي تبنى سياسة محايدة واقام علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي. رفض عبد الكريم قاسم الوحدة مع مصر وسوريا وعمل على اجهاضها بدعمه عبد الكريم النحلاوي وموفق عصاصة الذان قادا الانقلاب في الشطر السوري على الوحدة، وكانت له مطالبات بضم الكويت الى العراق ادت الى انسحابه من جامعة الدول العربية. وحصل في عهده انتفاضة كردية عام 1961. وادّى انقلاب عسكري عام 1963 قام به مجموعة من الضباط العسكريين ينتمي معظمهم الى حزب البعث، بقيادة عبد السلام عارف، بالاطاحة بعبد الكريم قاسم واعدامه في دار الاذاعة عام 1963 رميا بالرصاص.
يعتبر عبد السلام عارف الرئيس الاول للجمهورية العراقية، وكان مؤمنا بالوحدة العربية، وطرح مباديء الاشتراكية الاسلامية، وصديقا حليفا لجمال عبد الناصر. عمل على بناء الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب العراقي كأساس لتحقيق الوحدة القومية، وله عدة مبادرات للتقارب مع الزعامات الكردية والمراجع السنية والشيعية. وشهد عهده اصلاحات سياسية واجتماعية وقضائية شاملة، وتقدما ملحوظا في المجالات العلمية والاكاديمية والفنية. ودخل العراق في عهده سياسة عدم الانحياز ونأى بنفسه عن النزاعات بين المعسكرين الغربي والشرقي وسياسة الحرب الباردة. وكان من أهم انجازاته النجاح بحثّ الدول المصدرة للنفط تأسيس منظمة أوبك التي عقدت اجتماعها التأسيسي في بغداد.
وكان له دورا فاعلا في القمم العربية، ودعم منظمة التحرير واقتراح الوحدة بين مصر وسوريا والعراق، وتم طرح اسمه نائبا لجمهورية الوحدة، وأقر العلم العراقي الحالي ذي الالوان الثلاث رمز قادة الاسلام وشعار الجهورية وصورة العقاب الذي رفعه النبي محمد في فتوحاته ورفعه من بعده القائد صلاح الدين الايوبي اثناء معاركه ضد الحملة الصليبية.
اختلف عارف مع الاحزاب القومية وحزب البعث العربي وتوفي عام 1966 بعد أن سقطت طائرته "بظروف غامضة" أثناء رحلة الى جنوب البلاد. واستلم الرئاسة رئيس اركان الجيش العراقي عبد الرحمن عارف شقيق عبد السلام، الذي جهد لارضاء جميع التيارات السياسية في العراق. وفي عام 1967 حاول عبد الرحمن عارف دعم سوريا ومصر والاردن عسكريا، الا ان الدعم الغربي لاسرائيل واعلانهم مهاجمة أي جيش عربي يتحرك لمناصرة الجيوش العربية ضد اسرائيل أفشل خططه وانكفأ بجيشه داخل العراق.
وفي عام 1968 أقصي عبد الرحمن عارف عن الرئاسة بعد انقلاب أعده عدد من ظباط الجيش البعثيين وتم ابعاده الى تركيا الى ان أذن له صدام حسين لاحقا بالعودة الى العراق.
أصبح رئيس مجلس قيادة حزب البعث العربي أحمد حسن البكر رئيسا للجمهورية العراقية (قيل ان الاميركان ساعدوه بذلك)، وصار صدام حسين نائبا للرئيس. وكان صدام قد شارك مع مجموعة بعثية في محاولة لاغتيال عبد الكريم قاسم، وفر الى سوريا قبل انتقاله الى القاهرة حيث احتضن عبد الناصر مجموعة من الشباب البعثيين انضم اليهم صدام حسين. وكان سبب احتضان عبد الناصر لهؤلاء هو رفض عبد الكريم قاسم لقيام الوحدة العربية ونكث بوعده بانضمام العراق الى الوحدة.
عين البكر صدام حسين في لجنة استخبارات الحزب الذي أطلق عليه جهاز حنين، مما أتاح له لاحقا تصفية جميع معارضيه في الوصول الى الحكم.
اثارت سياسات البكر وصدام قلقا في الغرب بعد ان عقد العراق معاهدة تعاون وصداقة مع الاتحاد السوفياتي وأمم شركة النفط التي تأسست في ظل الادارة البريطانية وصارت اسعار النفط الجديدة للغرب برفع المستوى المعيشي في العراق الى اعلى مستوى في العالم العربي.
هيمن ميشال عفلق رئيس حزب البعث السوري على حزب البعث في سوريا والعراق وساعد صدام حسين للوصول الى سدة الرئاسة في العراق. واحتكر صدام السلطة عام 1979 بعد أن تنحى البكر "لأسباب صحية"، ثم وضع تحت الاقامة الجبرية الى ان توفي عام 1982.
كان البكر قبل اقالته يحضّر لتوحيد حزبي البعث العراقي والسوري، وكانت هذه الوحدة ستقود الى الوحدة بين الدولتين ويصبح الرئيس السوري حافظ الاسد نائبا للرئيس في ذلك الاتحاد. وعندما ترأس صدام حسين العراق، عمد الى تصوير مؤتمر لحزب البعث واعلانه على مرأى ومسمع الشعب انه وجد بين اعضاء الحزب جواسيس ومتآمرين، قرأ أسمائهم على الملأ وكان هؤلاء قد ارتبطوا سرا مع الرئيس السوري حافظ الاسد، فتم وصفهم بالخيانة وسحبهم من كراسيهم اثناء المؤتمر، واقتيادهم واحدا تلو الآخر ليواجهوا حكما بالاعدام رميا بالرصاص خارج القاعة وعلى مسامع الحاضرين.
أطلق صدام مشروع التقدم النووي بدعم فرنسا التي أسست له أو مفاعل نووي عراقي أغارت عليه اسرائيل ودمرته بالكامل.
ولارضاء الغرب وافق صدام على ابعاد الخميني، فأعلن سيادة العراق على جميع اراضيه بما فيها شط العرب وأحقية نفوذه فيه، الامر الذي أثار حفيظة حكومة الخميني وهي كانت قد ألغت اتفاقا أبرمه شاه ايران مع العراق حول شط العرب، فعمدت الى احتلال بعض القرى الحدودية، التي استرجعها صدام بدعم من مجلس الامن ودخل البلدان حربا طويلة أطلق عليها اسم حرب الخليج الاولى، استمرت من عام 1980 الى عام 1988 حصل خلالها صدام حسين على دعم مادي وعسكري غير مسبوق من الغرب ودول الخليج العربية.
غير ان هذا الدعم انتهى بانتهاء الحرب ووجد صدام نفسه أمام خسائر فادحة، طالب الدول العربية والغربية دون جدوى بمساعدته على تسديدها ومساعدته لاعمار العراق.
يقول صدام حسين ان الولايات المتحدة اعطته الضوء الاخضر لاحتلال الكويت وضم آبارها النفطية في المناطق الحدودية الى انتاجه النفطي، في اشارة الى تدبير نفسه بنفسه لتسديد ديونه واعمار العراق بعد حربها مع ايران. وما أن احتل الكويت حتى أسرعت الولايات المتحدة لتشكّل تحالفا عالميا عسكريا ضد صدام حسين لطرده من العراق وتحرير الكويت عام 1991.
زادت ازمة العراق وعزلة صدام حسين بعد تحرير الكويت، وفرض مجلس الامن حصارا اقتصاديا شاملا على العراق.
وانتفضت المدن الشيعية في جنوب العراق بوجهه فعمد الا قمعها بقوة مفرطة، ما ادّى الى تدخل عسكري اميركي أممي وفرض منطقة حظر تجول فوق جنوب العراق لحماية السكان هناك.
وفي عام 1997 أقر الكونغرس شن هجوما كاملا على العراق بزعم امتلاكه اسلحة دمار شامل.
وبعد احداث 11 سبتمبر 2001 اصرت الادارة الاميركية على اسقاط صدام ونظامه، وتحركت جيوشها مع الجيوش البريطانية لتحرير العراق من صدام ونظام البعث، واحتلاله لفترة طويلة لم تنته الى اليوم.
وباحتلال العراق اصبحت الدول الغربية وخصوصا اميركا، تسيطر على خط يمتد من العراق يواجه ايران في الخليج الفارسي العربي شمالا، ويمر بدول الخليج العربية المتحالفة اصلا مع الغرب، ليصل الى مصر على البحرين الاحمر والمتوسط، وصولا الى قطاع غزة والضفة الغربية والاردن جنوبا، وطبعا اسرائيل التي نشأ هذا المحور اساسا من أجل أمنها.
وبعد خلع حسني مبارك عن رئاسة مصر، وانتهاء دوره يبقى الانتظار سيد الموقف لمعرفة توجه مصر ورئيسها الجديد في لعبة الامم.
يتبع مع مصر سوريا ليبيا واليمن....

سامي الشرقاوي



ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات