10‏/04‏/2011

الحريري ونصرالله كلٌ يسجّل إصابات في مرماه


بدأ التمهيد الجدّي للأرضية اللبنانية ليكون لبنان ملعبا لسياسة المحاور بامتياز شديد. وخير دليل كلام كل من السيد نصر الله والرئيس الحريري والذي كان كلاما مذهبيا بامتياز، وإن كان مغلّفا حتى الآن بغلاف سياسي نصفه بلون ايراني والنصف الآخر بلون عربي خليجي.
ويدعم هذا القول التصريحات التي بدأت تظهر تباعا من ايران ودول الخليج، والتي إن دلّت على شيء فهي تدل وبوضوح شديد ان الحرب الباردة بين ايران والدول العربية الخليجية بدأت تنحسر أمام سخونة التطورات التي تحدث في المنطقة العربية وايران. وهذه السخونة ستتّحول الى جبهات قتال حقيقية إن لم يتراجع المحوران عن ما شرعوا به لتحويل المنطقة الى ساحة قتال مذهبية لا يعلم غير الله مداها ونتائجها عدا عن الانعكاسات الخطيرة التي من الممكن أن تنتج عن حرب كهذه، من زهق لأرواح شعوب من هذا الطرف أو ذاك، وتدخّلات أجنبية عسكرية قد تزيد في دك البشر والحجر وتحوّل المنطقة الى لقمة سائغة سهلة البلع بعد انهاك دولها وشعوبها.
ولا يستطيع المراقب الحيادي الاّ أن يأسف من تدنّي خطاب الحريري ونصر الله الى مستويات، تجعل لبنان ليس فقط ساحة للعبة المذهبية، بل هدفا مكشوفا أمام القوى التي تريد شرّا للبنان وفي مقدّمتهم اسرائيل.
للأسف يستعمل كل من الحريري ونصرالله لغة بعيدة كل البعد عن الانتمائية للبنان، تجلّت بتأكيد نصرالله أن لبنان هو قدر وليس اختيار ما يفسّر أنه لو أتيح لنصرالله الاختيار لاختار وطنا غير لبنان.
فيكون بذلك قد سجّل اصابة ولكن في مرماه.
ويجاريه الحريري بتقديم مصالح دول الخليج على المصلحة اللبنانية، واظهار عدائه الشديد لايران. وبغض النظر ما اذا كان كلام الحريري صحيحا أو غير صحيح، وبغض النظر عن سياسة النظام الايراني، فهذه السياسية يمكن معالجتها بطرق دبلوماسية واستيعابها لمصلحة لبنان بدل من جرّها لمعاداة الدولة اللبنانية المنهكة أصلا من تآكل داخلي لا يبقي لها حولا ولا قوة.
وبذلك يكون الحريري أيضا قد سجّل إصابة في مرماه.
بعيدا من الخوض عن سياسة ايران والدول الخليجية والاسلوب السياسي السلبي المتبّع أخيرا من هذه الدول ضد بعضهم البعض، ومن تأثيرات حركات التغيير التي تهب على تلك الدول دون استثناء، لا بدّ من التذكير بقاسم مشترك يجمع كل دول الخليج وايران وهو سلامة أمن الخليج للمحافظة على خيرات اراضيها ومياهها من نفط وغاز، والتي يجوز إن بقيت هذه السياسة السلبية مستمرة بالتصاعد، أن تؤدي الى تعطيل قدرات تلك الدول على المحافظة على هذه الخيرات، وسيطرة القوى العسكرية الاجنبية على حماية تلك الخيرات، لأن الدول الغربية وفي مقدّمتهم الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانية، تعتبر ان استمرار تأمين ضخ الغاز والنفط يعتبر من الامن القومي لدول الغرب وخط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه.

ابتعد كل من الحريري ونصر الله عن لبننة خطابهما، وذهب كل منهما لنصرة من يعتبره امتدادا لخطه السني او الشيعي، ونسيا ان الشعب اللبناني بغالبيته المطلقة لا يريد سماع مثل هذا الخطاب.
فلا السعودية ودول الخليج ولا ايران استطاعوا منع اسرائيل على مدى عقود طويلة من مهاجمة لبنان وقتل ابنائه وتخريب ممتلكاته، وتهديد أمنه واستقراره.
ولا السعودية ولا دول الخليج ولا ايران، عملوا على تقديم اية مساعدات للشعب اللبنان تخفف عنه انقطاع الكهرباء وشح مياه الشرب واصلاح البنية الخدماتية لكي تؤمن لهذا الشعب الطبابة والدواء والعلاج بكلفة غير مرهقة.
ولا السعودية ولا دول الخليج ولا ايران استطاعوا ان يحدّوا من هجرة اللبناني الى دول أخرى بحثا عن لقمة عيش وجدار أمان واقي يستطيع أن يستند عليه.
ولا السعودية ولا دول الخليج ولا ايران، دعموا اللبنايين كي يعلّموا اولادهم في المدارس والكليات والجامعات بكلفة أقل وتسهيلات متاحة.
واذا اردنا ان نقبل بالرأي ان لبنان المجابه لاسرائيل يدعم سوريا الممانعة لاسرائيل ومن وراءها من دول غربية، الاّ أّنه ليس من المعقول قبول ان لبنان ضعيف مهتريء يساعد سوريا في اي مجال سياسي او عسكري او امني او حتى معنوي.
سوريا تقوى إن قوي لبنان كدولة حرة مستقلة، بعيدة عن هذا المحور أو ذاك.
ولبنان العربي  السيد المستقل القوي والمحرر من أية ضغوطات، مهيأ ان يلعب دورا سياسيا فاصلا في المنطقة، يفيد كل الجوار ويساعد على اضعاف الكيان الاسرائيلي. لأن لبنان القوي الغير تابع لهذه السياسة الاقليمية والدولية او تلك، ينهك اسرائيل، باعتباره دولة يوجد فيها التعايش المشترك بين جميع الطوائف والمذاهب وحتى الاعراق، واسرائيل دولة عرقية طائفية تعيش على تفتيت غيرها من الدول وفي طليعتهم لبنان وسوريا.
لقد قال السيد نصر الله في خطابه الاخير شيئا من الصواب، حين اعتبر ان المقاومة تنكفيء اذا استطاع الفريق الآخر بحججه اجبار اسرائيل على الانسحاب من ما تبقّى من اراض لبنانية.
بالطبع اسرائيل لن تنسحب من هذه الاراضي لا بالسلم ولا بالحرب، لأن بقاءها يزيد من اشتعال لبنان في سياساته الداخلية الحزبية والطائفية والمذهبية. ولأنّ بقاءها يزيد من تدخّل سوريا في لبنان واضعاف الدولتين. ولأنّ بقاءها يكسبها دعما ماديا غير مسبوق من دول الغرب التي صوّرت لهم اسرائيل ان سوريا ولبنان تهدّدان أمنه القومي وتضعف سياسة الغرب في الشرق الاوسط.
ولكن بالتأكيد اسرائيل ستنسحب من لبنان اذا عمد اللبنانيون الى اتفاق لبناني سياسي صحيح بينهم، من شروطه الاولية العمل على اصلاح الشأن الداخلي اللبناني في كل المجالات.
واذا حصل هذا الامر، ستنسحب اسرائيل لأنها لن تتمكن من تحمّل كلفة بقائها العسكري المتأّهب على جبهتها الشمالية، خصوصا ان اتفاق اللبنانيين فيما بينهم سيؤثر سلبا على المعونات المالية التي تتلّقاها اسرائيل من دول الغرب المانحة التي تريد دعم اسرائيل لتحمي أمنها من مقاومة لبنانية صوّرت لهم اسرائيل ان هذه المقاومة غول ارهابي يهدد بالانقضاض عليها في اي وقت.
واتفاق من هذا النوع سيجعل اسرائيل تفكّر ألف مرّة قبل أن تهاجم لبنان لافشال هذا الاتفاق، لأنها تدرك تماما أنه عند ذلك سيقف الشعب اللبناني كله دون استثناء بوجهها سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا، وستفشل وحدته أية لعبة قد تخاطر الامم المتحدة بلعبها.
الاتفاق الحقيقي على قاعدة لبنانية لا غير بين الحريري ونصر الله، كفيل باحياء لبنان وهزم اسرائيل وحماية سوريا.
أمّا ايران ودول الخليج فيعود الامر لهم لمعالجة قضاياهم بمعزل عن الساحة اللبناني.
وغير ذلك، فالج لا تعالج.
ويبقى الخوف من الأعظم سيد الموقف.

سامي الشرقاوي

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حضرة ألسيد سامي الشرقاوي المحترم.
بعد قراءتي لمقالتكم الشيقة إسمحو لي بالتعليق على بعض ما ورد فيها. أولاً:
هَلاَ تفضلتم وأجبتم على بعض ألاسئلة، هل طائفتكم الدينية كانت خياراً أم قدراً؟ هل جنسيتكم كانت خياراً أم قدراً؟ هل نَسَبَكُم الكريم كان خياراً أم قذراً؟
ثانياً:
لا أعرف يا سيد شرقاوي إن كنتم تقيمونَ في لبنان أو في الجارج، إن كنتم في الخلرج، فلماذا سافرتم؟ لطالما تُفَضِلون بأن يكون لبنان خياركم، فلماذا إخترتم بلداً آخر؟ ألديكم جنسية أُخرى؟ في حال وجدت، لما لم يكن خياركم الجنسية اللبنانية؟
ثالثاً:
ألا تجد يا سيد شرقاوي، بأنَ القدر يتحكم مجريات حياتنا؟
لو لم يوجد لبعض زعمائنا بيتاً آخر، لما تهدمت بيوت اللبنانيين،
لو لم يكن لبعض زعمائنا روؤس أموالٍ طائلة، لما وجد الفقر، لأن محلربة هذا ألاخير تبدأ بالتعرف إليه،
لو لم يكن...لو لم يكن... ربما لما هاجرت وخسركَ الوطن.
وعندما نقول، لو لم يكن، فبذلك تأكيدٌّ على ألقدر

مع فائق ألاحترام

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات