يرى بعض من المحللين السياسيين الدوليين وقادة دول، أن تزعزع الاستقرار الامني في لبنان سيولد حالات مشابهة في عدد من دول المنطقة اشارة الى التغييرات الجذرية التي بدأت تظهر في ديموغرافية وجغرافية تلك الدول خصوصا في سوريا والعراق، والتخزف من بروز دويلات عرقية ودينية وحتى مذهبية، على غرار الدولة اليهودية، بعد ان فتح تنظيم داعش تلك المحاولة باعلان "دولته" المتطرّفة على البقاع التي احتلها في سوريا والعراق، والتي يريدها ان تنهج نهجا مختلفا عن المذاهب الاسلامية المتّبعة، التي تعادي المذاهب والطوائف الاخرى عداء شديدا ومتشددا.
مما حدى بالاحداث الامنية ان تتسارع بالمنطقة هو مياعة الولايات المتحدة الاميركية في سياستها الخارجية وتاجيجها عن قصد او غير قصد لجمر الفتن المذهبية لدى الشعوب العربية الاسلامية. وايضا محاولتها اعطاء ايران دورا متفوقا على باقي الدول في المنطقة لقاء كسر شوكتها النووية التي تهدد بالدرجة الاولى اسرائيل.
لا شك ان المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج العربية لم تكن راضية عن سياسة اميركا في المنطقة، وتعارض بشدة اعطاء اي دور متفوق لايران. لذلك فقد ترجمت هذه المعارضة بشن حرب شاملة على الحوثيين اتباع ايران في اليمن، وسارعت الى دعم المعارضة السورية في سوريا بالمال والسلاح، وسعت الى الضغط على الحكومة العراقية للحد من تدخل الحشد الشعبي الذي تدعمه ايران، ومطالبتها بتعزيز دور الجيش والقوات العراقية لقتال دتعش وتحرير الاراضي العراقية من التنظيم الارهابي. كما اوعزت للمعارضة بقتال داعش طرده من الاراضي السورية ما امكن ذلك في المرحلة الحالية.
اما في لبنان فقد سارعت السعودية الى دعم استثنائي للجيش اللبناني بالعتاد والسلاح خارج دائرة الولايات المتحدة باعتماد فرنسا مصدرا وحيدا للاسلحة.
هذا الدعم الاستثنائي اثار حفيظة حزب الله وايران ولو لم يظهر ذلك بشكل مباشر.
اما حزب الله المتورط بالحرب في سوريا فقد وجد نفسه امام عدو في سوريا ولبنان يساويه قوة في السلاح والرجال يتمدد على مساحة شاسعة على الحدود السورية اللبنانية. لذلك فهو في نداء يومي للجيش اللبناني والحكومة اللبنانية لاتخاذ قرار طرد هؤلاء المسلحين من الاراضي اللبنانية، الامر الذس اعتبره خصوم حزب الله دعوة فتنوية لتوريط الجيش اللبناني في الحرب السورية ومحاولة لزج اللبنانيين في حرب مذهبية قد تتسبب في خراب لبنان ووقوع ضحايا عديدة من ابناء الشعب اللبناني
.
الشعب اللبناني ملّ من هذه السناريوهات المأساوية المبنية على الحروب والقتل الدمار، ويريد أن يعيش في وطنه بلا خوف أو قلق. ويريد أن يؤمّن قوت أولاده، وتعليمهم، وكسوتهم، وعلاجهم، ودوائهم، ويهيّأهم لتخطيط مستقبلهم دون عراقيل، ويسهّل لهم تأمين وظائفهم دون استنسابية ولا طائفية ولا مذهبية ولا محسوبية.
هذا ما يريده الشعب بمعظم طوائفه وحتى بمعظم انتمائاته السياسية.
فهل يسدل الستار على هذه المسرحية الشيطانية المملة، وينفكّ أسر الشعب؟
سامي الشرقاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق