23‏/06‏/2015

رد على تُهم أدونيس للاسلام

بعد ان ادلى دلوه في حوار مع جريدة السفير عما يجري في الدول العربية، وبعد ان توصّل الى ما مفاده ان الديموقراطية لا تتحقق ما دام الدين هو مرجع القيم، رأى الشاعر أدونيس ان الاسلام نشأ على العنف وفي مناخ تجاري سلطوي وليس له اية علاقة بالتبشير، وانه ليس هناك اي مفهوم للتقدم في كل التاريخ الاسلامي ولا توجد حرية للفرد للمسلم غير حريته بأن ينتمي الى الاسلام.

تنظير ادونيس جاء في حوار نشر بجريدة السفير تاريخ  19 جزيران-يونيو 2015 تجدوه على الرابط التالي

يجوز انني لا اختلف مع ادونيس في تبعية السياسة الى الدين، وانا ايضا لا اختلف معه في نظرية ان القوى الاجنبية تريد ان تفتت الدول العربية، غير انه غاص في غير بحره عندما قال ما يجهله عن الإسلام او بالأحرى ما ارادوه ان يقول فقاله عن جهل مطبق.

أقول ارادوه ان يقول ما قال لأنه لا يمكن ان يتصور عاقل ان يهب مفكّرٌ يُفترض ان يكون له وزنا علميا وأدبيا وعقلا راجحا، وينتقد الإسلام ويوجّه اليه التهم في وقت تغلي الفتن في الوطن ويفور التطرّف الطائفي فورانه ويعيث جهّال الدين والمتآمرين عليه فسادا في الأرض، حتى بلغ الفساد ذروته ان تسلّط جماعات باسم الدين على العباد وتحكّموا برقابهم وأمعنوا في تشويه الإسلام وقيَمه وتشريعاته.

لا أريد جدال أدونيس انما أريده أن يقرأ قليلا عن الإسلام ثم يقول لنا رأيه بتجرّد.
كما اني لا أفهم لماذا اختارت جريدة السفيرمناقشة أدونيس في هذا الوقت ليكيل التهم على الإسلام وتنشره بكل فخر واعتزاز.

الواقع ان الدين الإسلامي يتعرض لهجمات شرسة من ضمن مؤامرة دولية بدأت بالرسوم الكاريكاتورية عن الرسول وبحرق القرآن في مناطق عدة من العالم.
ثم بانتشار الفتاوي المخجلة من قبل أناس لا أصول لهم ولا فروع، وبرامج في محطات فضائية ذات تمويل مشبوه تُعمم الجهل بالإسلام، ومن أنظمة إسلامية ما زالت تصر على العيش في القرون الغابرة، الى ان ظهرت طفرة داعش لتعمم بذكاء واحتراف (لا يوجد مثله الا في إدارات مخابرات الدول وغرفها السوداء) ان الدين الإسلامي هو دين القتل والسبي والوحشية.

والحقيقة انهم هم الوحوش والمجرمون، اما الدين الإسلامي فهو دين السلام والرحمة وهو جاء مكملا للأديان وليتمم الإصلاح ويفصّل مفاهيم العلاقة بين الله والانسان، وينظم الدولة المدنية والمجتمع المدني ويفصل بين الدولة والدين ويقر احترام الأديان وعدم التفريق بين الرسل ويعزز الديمقراطية (وأمرهم شورى بينهم) ويدافع عن المرأة ويثبت حقوقها، وينظم الإرث والزواج والطلاق والتجارة والقروض.
الا انه قبل كل شيء هو دين الرحمة والسلام.

ألا تعلم يا سيد ادونيس ان اول القرآن هو " الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم"
وأن الرسول قال " الإسلام من سلم الناس من لسانه ويده".

وأن من شروط الإسلام انه لا اكراه في الدين، وأن الدم حرام، وأن لا تكونوا البادئين بالقتال واجنحوا الى السلم، وان الصلح خير، وأن لا تعتدوا، وأن لا تأكلوا مال اليتيم، وأن لا تغتابوا، وأن لا تُبخسوا في الميزان، وأن لا تقتلوا النفس الا بالحق، وان لا تزنوا، وأن استعينوا بالصبر والصلاة، وان كونوا رحماء بينكم، وان اعدلوا، وأن تعفوا وتصفحوا، وأن لا تُسرفوا، وأن لا تتعاملوا بالربا، وأن لا ترموا المحصنات، وأن وصّينا الانسان بوالديه، وأن اعملوا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وأن لا تصغّر خدّك للناس، وان لا تمشي بالأرض مرحا، وان لا تغتر، وأن لا تختال ولا تتفاخر، وأن لا تستهزئ بالناس، وأن اغضض من صوتك، وأن أصلحوا، وأن أحسنوا، وأن تعاونوا على البر، وأن تشاوروا بالأمر، وأن اعملوا الصالحات، وأن لا تكتموا شهادة ولا تشهدوا زورا، وأن استبقوا الخيرات، وأن آتوا المال على حبه المسكين والفقير، وان لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل، وأن لا تأتوا البيوت من ظهورها، وانه كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وأن أوفوا بالعقود، وأن لا تنكثوا أيمانكم، وأنّ كلمة طيّبة كشجرة طيبة، وان ادفع بالتي هي احسن، وان اذا كان بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم ........
هذا يا سيّد أدونيس بعض الشواهد على الإسلام الصحيح.

أما ما جاء عن الحروب والجهاد والتشدد في القتال والغلظة على الأعداء فهو من ضمن فترة محددة في فجر الإسلام حيث اجتمعت أمم كثيرة لمحاربة المسلمين ومحاولة طمس الدين الجديد ...
وعقيدة القتال لم يتفرّد بها المسلمون فقط فقد وجدناها في كافة الأديان في التاريخ وعند كافة الدول وبالأخص العلمانية منها في وقتنا الحالي ...
الاّ ان الإسلام تفرّد بعدم قتل الاسرى خلاف ما يظهر الآن عند المتطرفين الملتحفين بلحاف اسلام غير حقيقي.

أمّا قولك ان الاسلام يقيّد المسلمين ويعزلهم في عالم مغلق لا تقدّم فيه، فأردّك الى علوم الجبر والكيمياء والطب والنفس والفيزياء والفلك والحساب والهندسة والرياضيات والعمارة والاحياء واللغات والطبيعة والفلسفة والتاريخ وغيرها من العلوم التي لولا العلماء المسلمين لم تكن لتقوم لها قائمة.
ولم يكن لعلماء القرن الحالي وعلمهم وجود لولا انهم تطوّروا من علوم ونظريات العلماء المسلمين، ليكون بين يديك مثلا انظمة مثل الفايسبوك والتويتر وغيرها مما تعتمد اعتمادا اساسيا على نظرية اللوغاريزم التي انشأها ابو عبد الله بن موسى الخوارزمي.

أما بشأن التبشير الذي نفيته عن الإسلام، فاعلم ان الله لم يمل في القرآن من قول انه أرسل الرسول مبشرا ونذيرا ولم يمل من إعطاء النصائح وضرب الامثال ومن الترغيب في الجنة والتحذير من جهنم.

أخيرا أقول لك يا سيد ادونيس ان الإسلام يقول "لا تجادل بالله من غير علم"، لذلك انصحك ان تقرأ القرآن وكتب الإسلام الصحيحة وتاريخ الاسلام الصحيح، علّك تفهم روح الإسلام، وعندئذ يحق لك ان تعطي رأيك فيه.
أما الرأي عن جهل فهو أجهل رأي.

سامي الشرقاوي






ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات