تشهد الاحداث التي جرت في لبنان مؤخرا، ان كل الاحزاب
والتيارات والاطراف السياسية في لبنان مشاركون في لعبة النار، وان هؤلاء لا يأسرون
الشعب اللبناني بأسره في لعبتهم الخطيرة فقط، بل يمنعون عنه ايضا ابسط مقومات
العيش.
وتشهد هذه الاحداث ايضا على تورّط كل الدول الاقليمية
والدولية في تنظيم وتمويل وادارة هذه اللعبة المجنونة التي بات السيطرة عليها شبه
مستحيل.
وتشهد هذه الاحداث ايضا، ان المقاومة اللبنانية في اجازة
طويلة وحتى اشعار آخر، لان ادارتها صارت محصورة بمنهجية معينة وحزبية معينة
ومرجعية معينة بل ومذهبية معينة. وفي كل مرة يطل السيد نصر الله ليذكر ان سلاح حزب
الله هو لمقاومة اسرائيل، يظهر على الارض ما يخالف هذا الكلام ويؤكد انه لا يتعدى
التسويق الاعلامي. فكل ما يدور على الارض اللبنانية من قتال ونزاع وتأزم سياسي
وأمني يشير ان حزب الله ايضا متورط به بشكل مباشر وغير مباشر بحسب جغرافية
الاحداث.
وتشهد الاحداث ان كل ما يدّعية الرئيس سعد الحريري وتيار
المستقبل والحلفاء من دعم شرعية الدولة والابتعاد عن المذهبية وفتنتها وحصر السلاح
بالدولة اللبنانية، هو في الحقيقة ايضا تسويق اعلامي، وما نراه على الارض من
سلاح ينتشر بسرعة البرق، وانصار المذهبية التي تظهر مدججة بالسلاح الكامل، يؤكد ان
كل هؤلاء متورطون بشكل مباشر وغير مباشر بحسب جغرافية الاحداث بهذا التأزم السياسي
والامني.
وتشهد الاحداث ايضا ان الحكومة اللبنانية مشلولة والجيش
اللبناني عاجز والقوى الامنية ليست قادرة على حفظ الامن.
وتشهد الاحداث ايضا ان جميع الاحزاب والتيارات اللبنانية
ليست لبنانية.
وأن جميع السياسيين اللبنانيين ليسوا لبنانيين.
فلو كانوا كذلك
لمنعوا اراقة نقطة دم لبنانية واحدة، ولمنعوا كسر حجر لبناني واحد، ولحافظوا على
الاقتصاد اللبناني، والمجتمع اللبناني، والامن اللبناني، والشعب اللبناني بكل
اطيافه وطوائفه ومذاهبه وشيعه وانتمائاته السياسية.
كيف للمقاومة اللبنانية ان تكون مقاومة ولبنانية اذا لم
يكن هدفها الوحيد هو مقاومة اسرائيل وتحرير ما تبقى من اراضي لبنانية محتلة. نحن
لم نعد نقرأ في استراتيجية تلك المقاومة سوى البعد الديني والمذهبي والسياسي
الاقليمي المحوري.
وكيف لمن يعادون سياسة حزب الله وحلفائه ومن ورائهم ان
يكونوا لبنانيين، اذا لم يكن هدفهم لبنان وشعبه وأمنه ومقاومته اسرائيل وتحرير
اراضيه. ونحن لم نعد نقرأ في استراتيجيتهم السياسية سوى التمحور الاقليمي والدولي
والمذهبي.
كل هؤلاء لا يدركون ان هذه اللعبة ستطيح بهم جميعهم، بعد
اضعافهم وتشتيتهم لتسهيل السيطرة على لبنان سياسيا وامنيا.
صحيح ان جيوش العالم لن تستطيع ان تنزع سلاح حزب الله...
لكن الفتنة تنزعه.
صحيح أن شعار لبنان اولا هو الشعار الحقيقي .. لكن
الفتنة ستفتك به اولا.
لم تعد السياسة في لبنان مهنة الدبلوماسية، بل اضحت حرفة
مافياوية يمتهنها كل من هو على استعداد لبيع وطنه من اجل مال او سلطة او طرف آخر.
ولم تعد التحليلات السياسية والقراءات السياسية
والاجتهادات الاعلامية تجدي نفعا، لان كل هذا في لبنان، بات موظفا لهذه الفئة او
تلك.
اللبنانيون يتقاتلون، والوطن يحتضر والمقاومة في اجازة.
اللبنانيون يتقاتلون، والوطن يحتضر والشعب مغدور.
اللبنانيون يتقاتلون، والوطن يحتضر وكل السياسيين
والحزبيين والامنيين ورجال الدين دون استثناء يمارسون اغتياله.
لم يبق من لبنان الا شعبه الغير منتمي لاي حزب او تيار
او طائفة او مذهب في حب الوطن.
يبقى هذا الشعب الذي تنعقد عليه آمال اطفالنا واحلامهم
بحياة جديدة ليس لها صلة بالحاضر ولا الماضي في لبنان. بعد أن حطّم الحاضر جيلنا
وحطّم الماضي جيل ابائنا.
لم يكن لبنان حلوا وخلابا الا لأن شعبه كذلك ...
وهذا الشعب هو الآن تحت الحصار بعد أن أسر المتسيّسون
والمخادعون لبنان، ووضعوه في اقامة جبرية وسلبوه كل ثيابه الجميلة وكل ما عنده من
زينة.
هذا الشعب اللبناني الطيب الذي اثبت انه الفينيق... لن
يموت ...ولن يدع لبنان يموت.
وسينتفض على آسريه ويعرّيهم ويطردهم، ويعيد للبنان كل
الجمال الذي سلبوه منه.
نقول هذا الكلام العاطفي الغير سياسي لانه لم يعد لدينا
في السياسة ما نقول، بعد ان قتل المتسيّسون اللبنانيون السياسة في لبنان.
سامي الشرقاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق