لا يبدو ان ما يدور من معارك قتالية على الاراضي العربية الساخنة في اليمن والعراق وليبيا وسوريا وبعض مناطق من لبنان، سيؤدي بالنتيجة الى نصر فئة على فئة بدليل انه لم يولد حالة ثابتة بعد برغم كل الجهود التي يبذلها المتقاتلون لتقبيت انتصار فعلي على اي جبهة من الجبهات.
وليست المناطق التي وقعت تجت قبضة داعش بمنأى عن هذه الحالة، فقد ثبت انن داعش لا يمكنه ان يصمد وقتا طويلا في موقع او مدينة او قرية ولو طال هذا الوقت نسبيا كما يحصل في الموصل وشمالي سوريا.
واستنتاجا من هذه الوقائع والحقائق يمكن القول ان ما يجري هو حرب استنزاف طويلة الامد لكل المتقاتلين على الارض كما يمكن القول ايضا ان هذا الاستزاف يطال الدول التي تدور على ارضها تلك المعارك الشرسة التي تقتل وتشرد من الناس الذين لا يقاتلون.
وسيثبت منطق هذا المنطق عندما تستوي الطبخة السياسية التي تطبخها الامم لمنطقتنا العربية ويحين موعد تنفيذها على الارض. ففي ذلك الحين ستكون جعب المتقاتلين قد فرغت وجف نبع تمويلهم ولن يبقى لهم من وسيلة غير رمي السلاح والانضمام تحت ما يفرضه الوضع الدولي.
والوضع الدولي في المنطقة تكاد تبين معالمه التقسيمية حسب الخريطة الجيو-عسكرية والجيو-سياسية والجيو-طائفية مذهبية عرقية.
سياسة اميركا ومعها باقي الدول العظمى بما فيهم روسيا والصين تشير بوضوح الى ايجاد حالة تقسيم فدرالي في العراق وسوريا وليبيا واليمن وربما لبنان لكي يستقر الوضع الامني في تلك البلاد.
وبرغم ان هذه السياسة هي غير واقعية وخطيرة ولها عواقب مستقبلية وخيمة فإن الدول العظمى لا ترى حلا فوريا الى بتقسيم البلاد الى فئات وتفاهم دولي على تقاسم المصالح ومراقبة وظبط هذه الحالة التقسيمية على المدى المنظور مستقبلا.
ولأن الارادة الدولية لا يمكن ان تمر دون موافقة الارادة الاقليمية المتمثلة بالقوى الاقليمية الثلاث تركيا وايران ودول الخليج العربية ومعها مصر فإن الامور بدأت تأخذ منحى شديد الخطورة بدأ بشن التحالف العربي السعودي حربا على الحوثيين في اليمن وبشن ايران حربا بواسطة حزب الله على تركيا بقتاله الاحزاب المتطرفة في سوريا ولبنان وتمكن تنظيم داعش من الامتداد ليأخذ محافظة الرمادي في العراق ومدينة تدمر ونواحيها في سوريا.
غير ان المفارقة الغريبة ان داعش تمكن من سيطرته الاخيرة دون مقاوكة تذكر من الجيش العراقي في الرمادي ومن الجيش السوري في سوريا! وهذا ما يمكن ان يشير الى ان بعض ظباط وصفوف ظباط وافراد هذين الجيشين لا يأتمرون باوامر قيادتاتهم بل باوامر من خارج تلك القيادات؟
الا ان ما حصل على الارض هو ايجاد خريطة حدودية جديدة تربط اراضي سورية وعراقية تحت مسمى دولة معينىة جديدة بغض النظر اذا كان هذا المسمى سيدوم ام لا يدوم فان فكرة الدولة الجديدة بشكلها الآن حقيقة قائمة. ويبقى ان يظهر مستقبلا من الذي سيدير هذه الدولة لان تنظيم داعش كما هو الآن لا يمكن ان يدوم لادارة هذه الدولة الجديدة، فكيف سيتم تقبيت حدود هذه الدولة ومن سيتولى شؤوونها ومن سيكون الوصي عليها؟
ربما للحواب على هذا السؤال يجب انتظار ما ستكون نتائج المعارك الحالية في اليمن وكيف ستتوزع الاراضي هناك وكيف سيتم تقسيم ليبيا وما نتيجية الحرب الدائرة على الحدود الشرقية اللبنانية مع الحدود السورية والتي اعلنها حزب الله حربا وجودية، والى ما ستؤول عليه الاوصاع العسكرية على سواحل سورية وحتة الحدود التركية شمالا والحدود اللبنانية جنوبا.
سامي الشرقاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق