05‏/07‏/2012

شرق أوسط جديد أم نظام عالمي جديد؟




تسري شائعات كثيرة في هذه الايام ان جمعيات سرية مختلفة، ينتمي اليها أشخاص فاعلون سياسيا وماليا واقتصاديا وعسكريا من بلدان العالم اجمع، تتنافس ويتنافس اعضاؤها على من سيدير شؤون العالم وكيف يكون النظام العالمي الجديد.

ما يثير لعاب الشائعات هو تخبط العالم في هذه الاوقات بمشاكل امنية وسياسية واقتصادية يعجز القيّمون على الامور من ايجاد حلول ناجعة لها. بل أكثر من ذلك، فإن السيطرة على الامور تبدو معدومة، وكل الامور تجري وكأنها تترابط مع مخططات لا يفهمها الحكام او بعض منهم.

يقال ان بعد الحروب الصليبية، تمكن فصيل من الصليبيين يلقبون بفرسان تمبلار (وهم الذين كانوا في مقدمة المعارك ضد صلاح الدين الايوبي، وقد انهكوه قبل ان يتمكن من هزيمتهم)، من ان يخلقوا نظاما ماليا متميزا لتسهيل التحويلات المالية بين الجند وعائلاتهم في الاوطان وبالعكس. وكان هذا النظام اول اسس العمل المصرفي والتحويلات البنكية. ولكن عندما كبر وعلا شأنهم وفحش ثرائهم، صاروا يشكلون خطرا على الكنيسة. فاتُهموا بخيانة الكنيسة واعتقلوا واعدم رؤسائهم وفر منهم من استطاع واختفى اثرهم.

وكان فرسان تمبلار يعتمدون السرية المطلقة في ادارة شؤونهم وحفظ مخطوطاتهم واوراقهم واسرارهم. ونجحوا في ان يخفوا تلك المستندات عن الكنيسة.

وبعد عدة عقود ظهرت في اوروبا الجمعية الماسونية التي تعتمد ايضا السرية في ادارة شؤونها، ونمت بسرعة فائقة وسيطرت بواسطة نفوذ اعضائها على معظم الادارات الرسمية المدنية والمالية في معظم دول اوروبا. وتوصلت بأن يكون اول رئيس دولة اميركا الجديدة من اعضائها. وأن تحتوي الورقة المالية الاميركية (الدولار الاميركي) صور رموزهم واشفارهم وشعاراتهم.

ويعتقد كثير من الباحثين ان الماسونيين هم الامتداد الطبيعي لفرسان تمبلار لانهم يعتمدون نفس نظام الاسرار الذي كان يتبعه فرسان تمبلار، ولهم رموز وشعارات متشابهة واهداف واحدة وهي السيطرة على النظام المالي العالمي.

ويُعتقد ايضا ان الماسونية نجحت في ارساء النظام العالمي الجديد بعد الحرب العالمية الثانية، وصار الدولار الاميركي الذي يحمل صور رموزهم وشعاراتهم وصورة الرئيس الماسوني جورج واشنطن (اول رئيس للدولة الجديدة)، هو اساس التعامل المالي العالمي ولا يمكن ان تكتمل اية حركة مالية في العالم بدون ان يكون الدولار الاميركي هو الذي يتمم تكاملها. وان يكون الاحتياطي العالمي واسعار الذهب والفضة وباقي المعادن والسلع اساسها الدولار الاميركي.

الى أن تمردت اوروبا عام 2002 وخلقت نظاما ماليا اوروبيا جديدا يعتمد اليورو كعملة رسمية في اوروبا.

طبعا حصل تمرد من داخل اوروبا على نظام اليورو ولم تنضم اليه دولا اوروبية عدة اهمها بريطانيا، التي تحوي اكبر محافل الماسونيين والتي تعتبر الشريك الاساس للولايات المتحدة الاميركية.

النظام العالمي الجديد بعد الحرب العالمية الثانية انشأ عصبة الامم وقسم البلاد ومنها بلاد الشرق الاوسط التي انتدب لها بريطانيا وفرنسا لادارة شؤونها.

وروسيا التي كانت شريكا في الحرب الاولى، غرّدت خارج السرب وخلقت نظاما ماليا آخر اسموه الشيوعية او الاشتراكية. وهو بالعكس تماما عن النظام الرأسمالي، ولهذا السبب بدأ الصراع بين الغرب واوروبا الى حد الحرب الباردة واحيانا الساخنة الغير مباشرة.

عندما اعلنت الولايات الاميركية حربها على افغانستان والعراق لم يخف جورج بوش الابن حماسه (وهو المشهور بسذاجته الى حد الغباء احيانا)، ولمّح الى بدء النظام العالمي الجديد "الثاني".

لم يكن جورج بوش الاب ولا الابن من الماسونيين، انما كانو من اتباع جمعية سرية اخرى (او هكذا يقال) تدعى النورانيون او المتنورون Illuminati

وتنشط هذه الجمعية ايضا في الثقافات الشعبية التي تستقطب جماهير غفيرة كالرياضة والموسيقى. وغالبا ما يوجد رمز لها في اعمال فنية وثقافية ورياضية عديدة ومتنوعة، كالافلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية والعاب الفيديو ومجلات الرسوم الكرتونية وايضا في بطاقات التبادل التي تحتوي على مشاهير من عالم الرياضة وكل الالعاب الاكترونية.

أما نفوذهم الباهر فهو في عالم الموسيقى والافلام بحيث ان العديد من نجوم الفن والموسيقى تابعون لهم وينفذون تعاليمهم. ولانهم يسيطرون على معظم المصارف العالمية، فإن عملية تمويل عمل فني واختيار فنان يطلقونه ليحظى على نجاح بسرعة البرق باتت سهلة. وصار خرق العالم الموسيقي والسيطرة عليه مهمة منظمة، وبواسطة هذا النفوذ لمعت اسماء مثل :

Jay Z - Rihanna - Bob Dylon - The Beatles - NAS - Eminem - Led Zeplin Beyonce - Lady Gaga وغيرهم من المشاهير التي فاقت شهرتهم حدود الخيال

ويقال ان معظم فنانين فن الهيب هوب Hip Hop، الذي ينتشر انتشارا غير مسبوق في العالم، هم تحت سيطرة نفوذهم. وكلهم دون استثناء يغنون نفس اللحن والمغزى ويسوّقون ثقافة جديدة تهيء لميلاد هذا النظام العالمي الجديد، الذي سيستقبله العالم كله وخاصة النشأ الجديد بكل ترحاب.

فمن هم هؤلاء المتنوّرين؟

بعض الباحثين يؤكدون ان المتنوّرين يؤمنون ان السيد المسيح هو المؤسس الاول، وأن الدين المسيحي الصافي قد انحدر واصابه خلل وصار مدرسة خيالية ويجب تصويبه بعد ان صار وسيلة كسب للقيّمين عليه. ويعتقد آخرون انه مع ان فكرة التنوير قد بدأت في اوروبا فإن فهمها الحقيقي بدأ في اميركا، التي انشأت جمهورية التنوير وطورتها كي تغزو العالم كله بها.

وفي صفحتهم على الانترنت، يصف المتنورون نظامهم العالمي الجديد على انه شبكة كونية متطورة تنشر المعرفة العامة (لأن القوة في المعرفة) ومبدأ الحقوق الذاتية ودور الحكومات كحماة لتلك الحقوق. وعلى نفس الصفحة يعلنون انه حان الوقت للعمل ضد تمويه الحقائق وزيف المعلومات. وان هدفهم هو وضع الامور في نصابها الحقيقي ضمن اطار النظام العالمي الجديد.

كما انهم يعترفون بمبدا السرية والخصوصية، ويتعهدون بتغييرات ذاتية داخلية بما يتناسب مع الوضع العام ويصرون على ان مبدأ السرية لم يعد يعني ما يعني بالكامل.

وهم يريدون ان يكون النظام العالمي الجديد حرا ومستقلا وخاليا من الايدولوجيات ومستقلا عن المعتقدات الدينية. ويدّعون ان النظام العالمي بشكله الحالي هو نظام مفلس ومشلول اجتماعيا، وأن القيم السامية معدومة، وهذا ما يؤدي الى المجاعة والحروب والارهاب. كما يدعون الى تدمير كل تلك العوامل الفاسدة التي توصل الى التدهور والخراب.

وبعض المفكرين يؤمنون بأن المتنورين ما هم الا جمعية سرية انشأها بعض المتمولين اليهود لايجاد شرخ في النظام الحالي بعد ان قسّموه الى نظامين رأسمالي وشيوعي اشتراكي بهدف سيطرة اليهود نهائيا على العالم.

من يشاهد الافلام ويقرأ الروايات التي تتحدث عن نهاية العالم في 21 ديسمبر هذا العام، يستشعر نوعا ما بأن المقصود هو نهاية النظام العالمي الحالي وبداية النظام العالمي الجديد. وليس يوم القيامة كما يشاع.

لهذا نشأت فكرة ترقيم القاطنين في العالم الغربي وترقيم المواد الاستهلاكية التي تباع في الاماكن التجارية واختراع العلامات التجارية وآخر هذه السلسلة هو زرع فيشة معلومات في الجسم، والتي تسوّق لها افلام الخيال العلمي كفيلم العنصر الخامس The Fifth Element . فالمعلومات الكاملة عن الشخص تظهر بمجرد وضع آلة خاصة على مكان الجسم الذي توجد تحته فيشة المعلومات. بيد ان شبكة المعلومات العالمية (الانترنت) تظل احدث وانجع طريقة لجمع المعلومات عن الاشخاص الذين يقطنون في كل بقاع الارض وليس فقط في اوروبا واميركا ودول العالم الاول.

ما شاهدناه من ازمات اقتصادية عالمية بدأت في اميركا وانتشرت في العالم، يمكن ان يكون دليلا حيا بان النظام العالمي بدأ يتغير في المنهج والادوات . ولكنه لم يتغير بعد في السياسة.

وبقي ان نشير الى ان شعار المتنورين والذي يضعونه على موقعهم الاكتروني الرسمي يحتوي نفس الهرم والعين الساهرة عند الماسونيين والذين نجدهما ايضا على ورقة الدولار الاميركي!

في النهاية هنالك صراع خفي يجري حاليا للسيطرة على العالم واعلان قيادة النظام العالمي الجديد. وحدسي ان الحسم سيكون قبل نهاية هذا العام. والمؤشرات بدأت في اوروبا والدليل على هذا الكلام هو ما يجري من صراع حول اليورو. وافلاس دول اوروبية مثل اليونان واسبانيا وايرلندا وغيرها.

يُقال ان الرئيس اوباما استفاد من خطأ سلفه بوش وهو الآن يجهد بصمت لارساء قواعد النظام المالي الجديد الثاني مع شركائه الاوروبيون، الذين هم يعملون ايضا بجهد.

لماذا شرق اوسط جديد؟ لانه ما زال البقعة التي تحوي النفط الذي لم تتمكن كل الاختراعات بعد لايجاد بديلا منه.

وهو ايضا الارض التي تختزل الحضارات واسس الانظمة الدينية والسياسية والمالية منذ التاريخ.

وهو المساحة التي فيها مهد الاديان.

وهو ايضا المكان الذي تتواجد على بقعة فيه اسرائيل بعد ان اغتصبت فلسطين بتمهيد من عصبة الامم وليدة النظام المالي العالمي الحالي.

ومن اقدر من اسرائيل على وضع الرموز والشيفرات والاسرار؟

سامي الشرقاوي

ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات