تدور في هذه الفترة أخبار غير مؤكدة عن نوع من تفاهم ايراني اميركي بوساطة تركية، على انتقال سلمي للسلطة، حيث يرحل الرئيس السوري بشار الاسد، وتنتقل السلطة الى مجلس عسكري توافق عليه المعارضة، ومن ثم تعديل او تغيير الدستور الحالي واجراء انتخابات عامة تسمح بمجيء برلمانا سوريا مقبولا ورئيسا يتوافق عليه الداخل والخارج.
هذه هي بالظبط التجربة المصرية.... ذهب الرئيس وبقي النظام بشكل معدّل.
ما يجعل المرء يميل الى تصديق هذه الاخبار، هو خطاب السيد حسن نصر الله الاخير الذي دعا فيه كل الاطراف في سوريا الى القاء السلاح والدخول في حل سياسي، والاستطراد بالقول ان من يأمل بتغيير النظام في سوريا هو واهم.
طبعا..السيد نصر الله لا يقول هكذا كلام الا اذا كانت الادارة الايرانية موافقة عليه. وهذا الكلام يعني الكثير من المواقف السياسية الاخيرة التي اطلقتها ايران تباعا بالنسبة الى الصراع داخل سوريا او بالنسبة الى حل الملف النووي او بالنسبة الى الوضع الداخلي في ايران.
وربما هذا ايضا ما يفسر الزيارات المتقاطعة لوفود من حزب الله وايران وحماس والمعارضة السورية الى العاصمة القطرية التي يقال ان اميرها يرعى هذا التفاهم ويجهد لاحقاقه.
فهل تخلت ايران عن الرئيس لتبقي القيادة السورية تحت سيطرتها؟
قبل الاجابة على هذا السؤال يفيد جدا الالتفات الى قرار الحكومة الاسرائيلية المصغرة باعطاء الصلاحية الكاملة لرئيس الوزراء الاسرئيلي بنجامين نتنياهو، لقرار ضرب ايران عسكريا.
ماذا يعني هذا؟
بالطبع اسرائيل لا يرضيها اي تفاهم اقليمي يعزز الدور الايراني في المنطقة، لذلك فقد اسرعت باطلاق صفارات الانذار كي تسمع اميركا انه لا يمكن ان يكون اي حل في الشرق الاوسط دون ان ترضى عنه اسرائيل ولو كان هذا الحل بحجم اسقاط عدو من اعدائها.
ويفيد ايضا ان نلفت الى الصواريخ التي اطلقت من غزة على اسرائيل، والتي اشاد بها السيد نصر الله في خطابه، وقال انها اجبرت المدنيين الاسرائيليين على النزول الى الملاجيء للاحتماء منها. وهذا الكلام طبعا يفسر تلقائيا ان هذه الصواريخ من صنع وتمويل ايران، وان ايران ارادت بواسطتها ارسال رسالة الى اسرائيل انها باتت على حدودها.
وايران ترسل ايضا رسائل اعلامية الى اسرائيل تفيد ان قوتها الضاربة تسمح لها بتدمير معالم كثيرة في اسرائيل، مهما بلغت تقنيات الدفاعات الاسرائيلية ضد الصواريخ.
يقول خبير عسكري ان اي خطأ تقني في الدفاعات الاسرائيلية سيسمح لصاروخ ايراني تدمير قسم كبير وبشكل شامل لحي من احياء اسرائيل.
وما شأن كل هذا بالرئيس بشار الاسد؟
الجواب عند الادارة الروسية التي بعثت خارجيتها ما مفاده ان الرئيس الاسد لم يستمع لنصائحها وهو تأخر كثيرا في تطبيق هذه النصائح، وان هذه النصائح ما عادت قابلة للتطبيق.
هنا يجوز الفصل السياسي بين الرئيس والنظام... ومن هذا الفصل اختار الفقهاء السياسيون الدوليون والاقليميون ان يلجوا باب الحل.
طبعا النظام في سوريا يبقى في حسابات المعارضة السورية واجب التغيير. لان الحزب الحاكم هو في الحقيقة الذي يسيّر الدولة ويسيطر على سوريا. والرئيس السوري هو فقط جزء من هذا الحزب.
فهل توافق المعارضة السورية على خلع الرئيس وابقاء النظام؟
الجواب هو في الانتقال السلمي للسلطة الى مجلس عسكري في مرحلته الاولى... والمجلس العسكري هو الذي يقرر مصير حزب البعث الحاكم.... هكذا هو الحال في مصر...
ولكن هل صحيح ان القيادة العسكرية السورية ورئيسها في وضع واهن، يجبرهم على القاء السلاح والتسليم؟
لا اعتقد...
القيادة السورية الحالية قيادة سياسة، تمرست على مدى اربعة عقود في احتراف الفن السياسي، واللعب على خلافات القيادات العربية وضعفها، وايضا على تردد الغرب في حسم الامور في المنطقة.
وهي تعرف بالظبط وبكل دقة مدى هذا الضعف واين يكمن ومتى يحين موعد تفجيره.
وهذا ما يخيف الاميركان والروس معا.
لذلك ربما بدأ التفكير جديا بالحل البديل اذا سقطت ورقة التفاهم التي يقال انه يجري الاعداد لها حاليا.
والحل البديل هو تفكيك الدولة السورية برمتها وان قضى هذا الامر تدخل عسكري دولي مباشر في المنطقة لفرض شرق اوسط جديد... وقد تردد هذا في مختلف الاروقة السياسية في العالم والمنطقة.
طبعا هذا التدخل الدولي لن يتم الا من بعد توريط المنطقة بحرب اهلية طائفية تسمح للجيوش الاممية بالنزول الى الميدان لفرض النظام وحقن الدماء.
واذا كانت هذه الجيوش الاممية تحت قيادة اميركية... فقد ضمن اوباما فوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة.
هكذا ضمن بوش فوزه بعد الحرب الافغانية والعراقية!
أي من الحلّين سيسبق؟
الجواب ايضا عند الادارة الروسية.
فإن رفعوا الغطاء عن الرئيس الاسد في الامم المتحدة... فهذا يعني تقدّم الحل الايراني الاميركاني.
او سيتقدم اوباما بالحل الاميركاني عاجلا لا آجلا.
سامي الشرقاوي
هناك تعليق واحد:
الله يخرب بيت امريكا على ايران على الصهاينة
إرسال تعليق