02‏/10‏/2011

ايران، تركيا، حزب الله والاخوان في لعبة الامم


لا يختلف اثنان على أن الازمة التي تعصف اليوم في الوطن العربي هي أزمة مفتعلة، والمفتعلون كثر وأسبابهم كثيرة ومتنوعة ...... بيد أن الى جانب اختلاف هذه الاسباب فإن النتائج المرجوّة لدى كل فريق تتنوّع بقدر قوة هذا الفريق أو ذاك:
السيطرة الكاملة على هذا الوطن
السيطرة الجزئية على هذا الوطن
المشاركة في السيطرة على هذا الوطن
ولكن جميعهم لهم هدف واحد مشترك، الا وهو انتزاع الصفة العربية من هذا الوطن أو في أقل تقدير إضعافها والتحكّم بها.
واذا نجح مخطط هذه الازمة فبطبيعة الحال سيكون الرابح اسرائيل. ويكون المخططون قد حققوا بغيتهم. والمشاركون أكانوا يدركون ام لا يدركون فقد شاركوا مباشرة او بشكل غير مباشر في تحقيق هذا المأرب.

وفي التفاصيل وشرح الكلام لدينا بعض التأملات في حقائق تاريخية كان لها تأثيرها على مجمل  الوطن العربي، كم نراها اليوم تتجدد على مسرح الاحداث:
منذ التاريخ وأرضنا مطمع الامم ومحاولات متواصلة لتهويد جزءا منها، واقامة سياج أمني لحماية الجزء المهوّد.
بدأ غزو الاراضي العربية عندما قرّر النبي موسى عليه السلام  قيادة الاسرائيليين الى "أرض الميعاد" بعد إنقاذهم من ظلم الفراعنة، بيد أن حكمة الهية منعته ومنعتهم عن ذلك، ولكن بعد موت موسى، وحسب العهد القديم، فقد غزا "جوشوا" بلاد كنعان ودمر مدينة "جيريكو" (الخليل) وقاد من هناك الاسرائيليين ليحقّق انتصارات عديدة على الكنعايين. واستقر الاسرائيليون في أرض كنعان الى ان جاء "داود" وأنشا "مملكة اسرائيل". وكانت هذه المملكة تقع على مساحة تتوافق تقريبا مع مساحة الاراضي الفلسطينية المحتلة الآن، بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان الاسرائيليون يحاولون بشتى الوسائل طرد الفلسطينيين الذين هم الاهل الاصليون لتلك المناطق. بخلاف ما يدّعي الاسرائيليون وما قاله رئيس وزرائهم أمام الكونغرس الاميريكي الذي صفّق له جهلا، وما قاله مؤخرا أمام جمعية الامم المتّحدة، في خطاب عاطفي رفض خلاله قيام دولة فلسطينية بعضوية كاملة في الامم المتحدة، لأنها ستكون خطرا مباشرا على الدولة اليهودية.
ولمّا استطاع الملك الفارسي قورش أن يسيطر على مدينة القدس دعا اليهود الى اعادة بناء الهيكل حيث تم بنائه سنة 516 قبل الميلاد في عهد الملك الفارسي داريوس.
ثم عادت القدس لتكون تحت سيطرة الاسكندر المقدوني عندما هزم المملكة الفارسية، ومن بعده بطليموس الخامس الذي خسرها واستقرت بيد السلوقيين. وفي عام 63 قبل الميلاد وقعت القدس تحت حكم بومباي امبراطور الروم الذي ضم مملكة اليهود الى الامبراطورية الرومانية وعيّن الملك اليهودي هيرودس واليا تابعا لها.
في القرن السادس بعد الميلاد أخضعت روما اقليم يهودا ليكون تحت الحكم المباشر لها في ظل التعداد الضريبي الذي اعتمدته لاحصاء سكان أقليمي سوريا وليديا الفارسية بغية اخضاعهما للنظام الضريبي المباشر للامبراطورية الرومانية.
وعندما غزا الرومان الساحل الشرقي للبحر المتوسط قبل مولد عيسى، استقرّوا على اسم "فلستينيا" وأطلقوه على كل المنطقة الجنوبية لارض كنعان بما فيها الارض المحتلة من قبل اليهود والاراضي المجاورة. وتطوّر الاسم لاحقا ليصبح "باليستاين" باللغة الانجليزية و"فلسطين" باللغة العربية.
وفي زمن مولد المسيح، كان اليهود يفهمون العالم: عالم يهودي وعالم غير يهودي. وقد جهدوا عبر التاريخ ليفصلوا انفسهم كليا عن العالم الغير يهودي. وربما كان هذا هو السبب الرئيس الذي حذا بسكان الناصرة اليهود رفض عيسى رفضا قاطعا، عندما أعلن انه جاء ليكمل النبوءة.
وقد ورد في انجيل يوحنا 7:1-9 : يتنقل عيسى حول الجليل ولكنه يتجنب يهودا، لأن اليهود ومملكتهم يهودا كانوا يتحيّنون الفرص لقتله.
وفي القرن السادس للميلاد حلّت الامبراطورية البيزنطية محل الامبراطورية الرومانية واعتبرت امتدادا لها.
شهد القرن السابع للميلاد مولد الاسلام في مكة المكرمة في شبه الجزيرة العربية، على يدي الرسول والنبي العربي محمد بن عبد الله الذي استطاع توحيد كافة اقطار شبه الجزيرة العربية.
انهارت الامبراطوريتان البيزنطية والساسانية تحت وطأة الفتوحات الاسلامية، التي استرجعت بلاد مصر وفلسطين وسوريا. وبذلك انتهت السيطرة السياسية والاجتماعية لليهود كما انتهى النفوذ اليهودي على تلك المنطقة.
وتعتبر معركة "النهوند" من أكبر المعارك الفيصلية الحاسمة في تاريخ الاسلام، لأنها فتحت الطريق أمام جيش المسلمين ليدخل جميع بلاد فارس وتصبح كلها جزءا من الامة الاسلامية.

في ذلك الوقت كانت سوريا مقسّمة الى قسمين: سوريا الاقليم من أنطاكية الى حلب في الشمال وحتى البحر الميت في الجنوب. وفلسطين بما فيها الاماكن المقدسة للديانات الابراهيمية الثلاث.
وكان اقليم سوريا بغاية الاهمية السياسية والتجارية والدينية، الى ان نزحت اليه قبيلة غسان من اليمن، وأقاموا هناك مملكة غسان. وحكم الغساسنة المنطقة في ظل الامبراطورية الرومانية، وكانت تسيطر على عرب الاردن وجنوب سوريا من عاصمتها بورصة وهي اليوم من ضمن محافظة  "درعا" السورية.
تعتبر معركة اليرموك بين الجيش الاسلامي العربي والجيش البيزنطي معركة تاريخية فاصلة، حسم بها المسلمون قدرالامبراطورية البيزنطية فأنهوها عسكريا وسياسيا، ولم تستطع النهوض لفترة طويلة بعد تلك المعركة، ما جعل كل البلاد البيزنطية تحت التهديد المباشر للغزو الاسلامي.

قسّم المسلمون العرب بلاد الشام الى أربعة أقسام عسكرية: 1- جند دمشق الشام 2- جند حمص 3– جند الاردن 4- جند فلسطين. ولاحقا زادوا مقاطعة خامسة أسموها جند قنّسرين.
وكان "جند فلسطين" يوازي تقريبا المساحة الي أطلق عليها الرومان "فلسطين 1" التي تشمل يهودا، وفليستيا، وجنوب الاردن.
و"فلسطين 2 " التي تشمل سماريا والجليل والجولان وشمال الاردن. وكان هذا التقسيم أيضا لتسهيل الجباية الضريبية.
وفي عام 642 سقطت مدينة الاسكندرية على أيدي المسلمين وهرب البيزنطيون من مصر، فنعم المسيحيون بحرية العبادة واعادوا بناء كنائسهم.
عندما ورث عبد الملك بن مروان الخلافة، أمر ببناء قبة الصخرة قرب المسجد الاقصى في القدس، وأعاد الوليد بن عبد الملك لاحقا بناء المسجد الاقصى.
ومع بداية العصر العباسي غزا أبو العباس السفاح آسيا، فسيطر على بلاد السند، وشبه الجزيرة العربية، وبلاد الاناضول، وشمالي افريقيا ومصر ودخل دمشق لينشيء فيها نظاما جديدا تابعا لسيطرة بغداد.
وشهد هذا العصر تحدّيا غير مسبوق للفكر الاسلامي والعربي، وبراعة المفكرين والعلماء المسلمين والعرب في جعل الدولة العباسية دولة للثقافة والعلوم. واستطاع العلماء المسلمون من عرب وغير عرب ترجمة اعمال علمية وأدبية جمعوها من مختلف انحاء العالم ونقلها الى اللغة العربية.
كما نجح العلماء المسلمون بتطوير نظريات علمية كان العلماء الرومان واليونان والصين والهنود والفرس والمصريون قد سبقوهم اليها، غير ان المدهش انهم استطاعوا ايضا ايجاد نظريات علمية جديدة ومستحدثة، جعلت باقي علماء العالم يتّبعوها ويعملون بها. ويعتقد كثير من المفكرين والعلماء ان العصر العباسي كان له دورا مميزا في نقل العلوم الاسلامية الى الغرب المسيحي.
كان البيزنطيون في حالة حرب مستمرة مع العباسيين في سوريا وبلاد الاناضول تركيا. فعمد الموالي من خوراسان الذين ناصروا الدولة العباسية في نهوضها، الى الانقلاب على الدولة واعلان استقلال اقليم خوراسان عن الدولة العباسية. ومع حلول القرن العاشر للميلاد خسر العباسيون معظم العراق. واصبحت معظم بلاد ما بين النهرين تحت حكم الامر الواقع De Facto.
في ظل تلك الفوضى، انشق الفاطميون الاسماعليون عن الدولة العباسية، وأنشأوا الدولة الفاطمية الشيعية بتحالف عربي بربري، لتحكم فيما بعد تونس ومصر والمغرب والسودان وصقلية ومالطا والساحل الشرقي للبحر الابيض المتوسط وبلاد الحجاز.
ومع ان الفاطميين تمكنوا من ايجاد مملكة قوية وذات نفوذ الا انهم لم يستطيعوا التغلب على الصراع العرقي الذي قسم الجيش بين العرب والترك والبربر، واستطاع الاتراك في نهاية المطاف السيطرة على مصر. اثر ذلك اعلن البربر استقلالهم عن الدولة الفاطمية، واعترافهم بالدولة العباسية السنية في بغداد عام 1040.
استطاع السلاجقة الاتراك من هزيمة الفاطميين في سوريا ومصر وبدأ عهد جديد بقيادة صلاح الدين الايوبي. تأسست الدولة السنية السلجوقية عام 1037 وسيطرت على مساحة واسعة من الاراضي الفارسية والعربية وحتى الهند وآسيا الوسطى. ولعب السلجوقيون دورا مميزا وحيويا في الحروب الصليبية الاولى والثانية.
رأى بعض ملوك أوروبا والكنيسة الغربية أن بقاء مدينة القدس تحت السيطرة الاسلامية قد طال أمده، ونتيجة للحملة الصليبية الاولى، أسس الصليبيون دولا خاضعة لهم في اديسا وانطاكية وطرابلس في تركيا وسوريا وفلسطين وصارت تلك الدول حليفة لهم ضد اي عدوان من جيوش المسلمين.
عانى المسلمون من التغييرات الجديدة في المنطقة التي كان لها وقع ثقيل على مكاسبهم وسلطانهم، فتنادوا من مصر الى بغداد لمحاربة الصليبيين وطردهم، واستطاع صلاح الدين الايوبي بعد فترة وجيزة من استرجاع مدينة القدس وتوحيد جميع المناطق تحت راية الاسلام.
عام 1218 توجه جيش مختلط من المجر والنمسا وهولندا الى فلسطين لتحرير القدس. فتحالف معهم الملك السلجوقي وهاجموا الايوبيين في سوريا.
ثم توجهوا الى مصر واحتلوا ميناء دمياط، الا ان سلطان مصر الكامل اجبرهم على الانسحاب وتوصلّوا جميعهم الى هدنة 8 سنوات.
عام 1248 فشلت حملة الملك الفرنسي لويس الرابع لاحتلال دمياط. بيد ان الامبراطور الروماني فريدريك الثاني نجح بواسطة حيلة ديبلوماسية لسيطرة مؤقتة على مدينة القدس.
في عام 1244 تقدّم المغول في الشام وفلسطين واخذوا القدس وسلّموها الى المماليك الذين تحالفوا معهم بعد انهوا العهد الايوبي في مصر. فعادت بذلك القدس الى المسلمين، وكانت اوروبا في تلك الاثناء باستثناء فرنسا مشغولة بصراعات داخلية.
أخذ العثمانيون مدينة القسطنطينية من البيزنطيين، وغيّروا اسمها الى اسطنبول عام 1453. وفي نفس العام وافق السلطان محمد الثاني مع البطريرك الارثوذكسي اغناديوس، على ابقاء الكنيسة الارثوذكسية تحت الحكم الذاتي واستملاكها لوقف اراضيها وممتلكاتها مقابل الاعتراف بالسلطة العثمانية عليهم. كانت موافقة الكنيسة الارثوذكسية سريعة بسبب العلاقات المتدهورة مع اوروبا الغربية. وذهب قول احد كبار اساقفتهم مثلا حين قال "طربوش السلطان ولا قبعة الكاردينال".
استطاعت الامبراطورية العثمانية ضم جميع الاراضي التي كانت تابعة للبيزنطيين، وفي عام 1535 احتل العثمانيون مدينة بغداد، لتزيد سيطرتهم في بلاد ما بين النهرين، ويصبح لديهم مدخلا بحريا على الخليج الفارسي.
سيطر العثمانيون على معظم بلاد حوض البحر الابيض المتوسط، وحققوا انتصارات عديدة على الاساطيل التابعة لاوروبا الغربية وخاصة في تونس والجزائر، واحتل السلطان سليمان القانوني مدينة القدس التي شهدت في عهده ازدهارا وتطورا، وأعيد بناء الاسوار حول المدينة العتيقة كما أصبحت القدس عاصمة فلسطين.
في أواخر عهد السلطان عبد المجيد الأول، نشبت عام 1860 فتنة طائفية كبرى في الشام، وتحديدًا في دمشق وسهل البقاع وجبل لبنان بين المسلمين والمسيحيين عمومًا، والدروز والموارنة خصوصًا، فوقعت مذابح مؤلمة، وكان ممثلي بريطانيا وفرنسا يشجعون الفريقين على الانتقام ويساعدونهم على الثأر. وفي تلك الفترة برز حدثان كبيران ألقيا بثقلهما على الدولة العلية بشكل خاص والمنطقة بأسرها عموما، هما الأزمة الأرمنية وقيام الحركة الصهيونية. 
أما الحركة الصهيونية، فنشأت بقيادة ثيودور هرتزل عام 1897، ودعت إلى إنشاء وطن قومي ليهود العالم في فلسطين الخاضعة للدولة العثمانية وتشجيع اليهود على الهجرة إليها، فأصدر السلطان عبد الحميد فرمانًا يمنع هجرة اليهود إلى الأراضي المقدسة، لكنه اضطر في نهاية المطاف إلى التهاون معها تحت ضغط الدول الأوروبية، وخاصةً بريطانيا.
وفي عام 1923 م تمت معاهدة لوزان التي قضت باستقلال تركيا وتوزيع إرث الامبراطورية العثمانية وفق اتفاقية سايكس بيكو التي أفضت إلى حقبة الاستعمار الأوروبي الحديث في الشرق الأوسط. أعيد في تلك المعاهدة ترسيم الحدود مع سوريا فضمّت تركيا أقاليم سوريا الشمالية وفيها مرسين وطرسوس(طرطوس) وكيليكية وأضنة وعنتاب وكلس ومرعش واورفة وحران وديار بكر وماردين ونصيبين وجزيرة ابن عمر.
بدأت الثورة العربية الكبرى في 10 يونيو 1916 بإعلان الشريف حسين الجهاد المقدس والثورة على العثمانيين بمساعدة ضابط الاستخبارات البريطانية توماس إدوارد لورنس، واستطاع السيطرة على الحجاز بمساعدة الإنجليز ثم تقدم ابنه فيصل بن حسين نحو الشام ووصل إلى دمشق حيث خرج العثمانيون منها وأعلن فيها قيام الحكومة العربية الموالية لوالده الذي كان قد أعلن نفسه ملكا على العرب غير أن الحلفاء لم يعترفوا به إلا ملكا على الحجاز وشرق الأردن.
وعلى الرغم من تعهدات بريطانيا للعرب بقيام دولة عربية كبرى فقد أجرت هذه الدولة مفاوضات واتفاقيات سرية مع فرنسا وروسيا تناولت اقتسام الأملاك العثمانية بما فيها البلاد العربية ثم انفردت بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سايكس بيكو 1916 التي كانت سرّية فضح أمرها بعد الثورة البلشفية في روسيا سنة 1917. وفي السنة نفسها غدرت بريطانيا بالعرب مرة أخرى واعدين زعماء الحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين من خلال ما عرف بوعد بلفور الصادر في 2 نوفمبر 1917.
وافقت عصبة الامم على المطالب الاستعمارية لكل من بريطانيا وفرنسا وأقرت بشرعية انتدابها على دول المشرق. وتم تقسيم المنطقة التي ظهر فيها اسم الهلال الخصيب، بموجب اتفاقية سايكس بيكو، فحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق.
أما بريطانيا فأمتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا. كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا.
وعقدت في 1923 معاهدة لوزان لتعديل الحدود التي أقرت في معاهدة سيفر. تم بموجبها التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أعطيت لليونان في المعاهدة السابقة.
قسمت هذه الاتفاقية وما تبعها سوريا الكبرى أو المشرق العربي إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها وهي:
العراق، استقل عام 1932
منطقة الانتداب الفرنسي على سوريا: سوريا، استقلت فعلياً عام 1946، لبنان، استقل ككيان مستقل عام 1943. أما الأقاليم السورية الشمالية فقد ضمت لتركيا.
منطقة الانتداب البريطاني على فلسطين: الأردن، استقل ككيان مستقل عام 1946 (كانت منطقة حكم ذاتي منذ 1922) -  فلسطين، انتهى مفعول صك انتداب عصبة الأمم على فلسطين يوم 14 أيار 1948 وجلى البريطانيون عنها. لكن في اليوم التالي أعلن قيام إسرائيل فوق أجزاء كبيرة من حدود الانتداب البريطاني على فلسطين وبدأ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث في عام 1949 (إثر حرب 1948 وبعد إلغاء الانتداب البريطاني) قسمت فلسطين إلى ثلاث وحدات سياسية: إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.

ونحن اليوم على ما يبدو نشهد الفصل الثاني من مسرحية تقسيم الوطن العربي باذكاء الصراع المذهبي بين الشيعة والسنة، واعطاء ايران اعذارا لتكون في خضم هذا الصراع، بعد لعبة "حشْرها" في جدل دولي عبثي حول محاولة امتلاكها اسلحة نووية محرمة دوليا.
طبعا، ولتكتمل حبكة هذه المسرحية، لا بد ان تكون تركيا الدولة الاسلامية السنية ذات الطابع العلماني الاوروبي، الندّ المناسب لايران في الصراع على النفوذ بالشرق الاوسط..وخاصة في الوطن العربي، فنرى مبارزة سياسية محمومة بين الدولتين، ومحاولة كل دولة حشد أكبر عدد من الحلفاء من بين الدول العربية.
ولكي يبقى هذا الصراع تحت سيطرة الدول الغربية، أُستحضر الوجود المسيحي في الوطن العربي، والتحذير من محاولة تهجير المسيحيين من المنطقة العربية، خصوصا من لبنان ومصر وسوريا والاردن وفلسطين. وتجديد الدول الغربية اعلانهم بحماية هذا الوجود، طبعا في تذكير دائم بمعاودة احتلال المناطق عسكريا أو سياسيا.
كيف يكون مسيحيون سوريا ولبنان والاردن ومصر في خطر من سنّة تلك البلاد وشيعتها، المدعومين من تركيا وايران، ويكون المسيحيون في تركيا وايران بمنأى عن هذا الخطر؟ أما آن الآوان لهذه السخافة السياسية أن يوضع لها حدود؟

ولكن نرى ان حسابات تركيا وايران السياسية أخذت بُعدا مذهبيا ملفتاً. فبعد نجاح ايران بتثبيت حزب الله في لبنان كقوّة مؤثّرة في الدولة اللبنانية، وخطر يتهدد الكيان الصهيوني في اسرائيل، نرى من الجانب الآخر تحفيز لجماعة الاخوان المسلمين من قبل اميركا واوروبا وتركيا، خصوصا في مصر وسوريا والاردن، والعمل على تقوية شوكتهم وربما مساعدتهم على أن يكونوا في موقع سياسي وأمني مؤثّر في أنظمة تلك الدول، وبطبيعة الحال ضد ايران وحزب الله.

في خطابه الاخير أمام مجلس الامن، شدد رئيس وزراء اسرائيل على الدولة اليهودية، وقال ان الخطر يداهم هذه الدولة من قبل الاسلام المتطرف في غزة ولبنان ومصر وسوريا وايران.

الصورة اليوم غير جلية، لكن الواضح ان هنالك محاولات حثيثة لوضع كل من سوريا ومصر والاردن تحت انظمة اسلامية كجماعة الاخوان المسلمين. وفي هذا تحقيق لهدفين متناقضين؛ الهدف الاول هو تهديد الكيان الصهيوني، والهدف الثاني هو تحفيز المجابهة بين الشيعة والسنة، في محاولة لاضعاف قوى الفريقين وتسهيل التغلب عليهم.
والواضح أيضا ان حزب الله والاخوان المسلمين ومن ورائهما ايران وتركيا، قد وقعوا في شباك لعبة الامم، وصاروا يتخبّطون في هذه الشباك، كلٌ يحاول أن يخرج بأقل ضرر ممكن، لأنهم أيقنوا أنهم بعيدون جدا عن أية مكاسب.
للأسف فقد بات محتّم على كل فريق لكي يخرج من هذه اللعبة المقيتة أن يضرّ بالفريق الآخر. وستكون النتيجة انهيار الجميع، وعودة الاستعمار ليقبع على ربوع الوطن.
قالوا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أننا لا نستطيع أن ندير شؤوننا بأنفسنا، ونحن أثبتنا لهم ذلك بالامس ونثبت لهم ذلك اليوم.
أما حان لنا أن نهدأ ونقيّم الامور بالنضوج والوعي الكافي؟
أما آن الاوان أن ندرك اننا كلنا في مركب واحد؟
ما زال هنالك وقت...ليتنا ندرك أنفسنا قبل انقضائه.

سامي الشرقاوي

ليست هناك تعليقات:

قائمة المدونات الإلكترونية

التسميات