لا بد من الاعتراف ان الرئيس السوري
بشار الأسد نجح الى الآن بالصمود بوجه اعصار هائل من المعارضة السياسية والعسكرية رغم
خسارته لجزء كبير من اراضي سورية لم تعد تحت سيطرته.
هذا
الصمود يعود الى عوامل عديدة مهمة منها: إرث سياسي لا بأس به داخليا، ودعم عسكري متين
من ايران وجناحها اللبناني حزب الله، ودعم سياسي خارجي من روسيا والصين.
كما
ان هنالك عوامل اخرى لا تقل اهمية ساعدته للصمود منها عدم تمكن المعارضة السياسية والمسلحة
من الاتفاق على استراتيجية موحدة، واختلاف
فصائلها مع بعضها البعض الى حد القتال، كما اختلاف دول الغرب على طريقة التعامل مع
المسألة السورية.
أما
أهم عامل لعب لصالح الرئيس السوري فهو الموقف الأميركي المتردد دائما في معالجة الأزمة
السورية معالجة جدية.
بيد
ان من شاهد الرئيس الأسد في ظهوره مؤخرا بمقابلة تلفزيونية بعد التدخل العسكري الروسي
المباشر في سوريا (والذي قال الروس انه لصالح النظام السوري) يستطيع ان يرى ارهاقا
واضحا على وجهه ويقرأ قلقا جليا في عينيه!
مجريات
الأحداث على الأرض السورية توحي أن الروس لجموا تماما الآلة العسكرية الايرانية او
على الأقل وضعوها تحت امرتهم، بدليل ما يظهر من تسريبات لبنانية تشي بأن حزب الله بصدد
الانسحاب من المعركة السورية قريبا. فإن صحّ ذلك يفقد الرئيس السوري دعما عسكريا أساسيا
بدون ان يكسب دعما روسيا واضح الأهداف.
يجوز
ان تكون الانباء عن تحضيرات عسكرية ايرانية لنشر كتائب ايرانية في مواقع معينة في سورية
صحيحة الا انها غير دقيقة او غير واضحة المعالم بعد.
وزير
الدفاع الروسي قال ان الطيران الحربي الروسي يضرب اهدافا محددة تحدد احداثياتها الاستخبارات
العسكرية الاميركية! ما يعني ان التعاون العسكري والسياسي وثيق بين عضلات الدب الروسي
ودهاء الثعلب الاميركي من حيث المبدأ، انما تفاصيل هذا التعاون فما زالت تُدرس مع الدول
الاقليمية واهمها تركيا وايران والسعودية والدول الاوروبية التي باتت في معمعة مباشرة
مع الازمة السورية بفعل تدفق السوريين الهاربين من المعارك على دول اوروبا.
هذه
التفاصيل هي الحلقات المفقودة في الاتفاق بين روسيا واميركا وأهمها كيفية القضاء على
التنظيمات المتطرفة التي نمت نموا هائلا وأصبح القضاء عليها عسكريا مكلفا جدا ولا بد
من ايجاد مدخل سياسي يقنع من وراء هذه التنظيمات بالتخلي عنها. وغالب الظن أن هؤلاء
لن يفعلوا ذلك الا لقاء اثمانٍ جاري التفاوض عليها الآن ومنها عدم رجوع سوريا الى ما
كانت عليه قبل هذه الحرب المدمرة وهذا يعني الرئيس السوري مباشرة.
من
هنا يأتي قلق الرئيس السوري، خصوصا وانه غائب عن الصورة منذ ان اجرت إيران هدنة
الزبداني مباشرة مع خصومه تلاها اعلان موسكو عن التدخل العسكري المباشر.
وريما
ما أعلنته اليوم قيادة اركان الجيش السوري عن هجوم واسع على المعارضة المسلحة غرب
سوريا بقيادة الفيلق الرابع اقتحام الذي قالت انه أنشيء حديثا هو محاولة لإثبات
وجود جيش النظام على الأرض ورسالة الى من يهمه الامر ان الأمور السياسية والعسكرية
يجب ان تمر من القصر الرئاسي في دمشق.
ولكن
الى ان تتضح الأمور سيبقى الرئيس السوري في حالة من القلق الشديد حيث ان الأمور
باتت بيد الدب الروسي والثعلب الأميركي برضا( تركيا وايران والسعودية) وكلاهما لا يعمل على الأرض بالطريقة التي
يتمناها الآسد.
سامي
الشرقاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق