مجلس التعاون الخليجي والتخبط السياسي بشأن مصر
تحفظ قطر على الضربة العسكرية المصرية لتنظيم داعش في ليبيا ليس له اي مبرر مفهوم، لانه تغريد خارج سرب الرأي العربي العام الذي ايّد مصر وتفهّم انها تستعمل حق الدفاع ضد جماعة ارهابية قتلت بدم بارد 21 من مواطنيها توجّهوا الى ليبيا بحكم البحث عن لقمة عيش!
ومبرر قطر ان مصر تتدخل بالشأن الداخلي لليبيا هو حقيقة كالعذر الذي هو اقبح من ذنب، فليبيا مخترقة من جهات دولية عديدة مباشرة ام بطرق غير مباشرة من خلال الاحزاب والتنظيمات التي تتقاتل داخل اراضيها وليس سرا ان دولة قطر نفسها ليست بريئة من التدخل في الشؤون الليبية الداخلية وذلك بواسطة عدة وسائل تمويلية لفئات ضد فئات اخرى تتصارع في الداخل الليبي.
اما تنديد دول مجلس التعاون بالموقف المصري ضد ليبيا، فهذا هو المفاجئة بحد ذاتها!
من الممكن ان نعذر هذه الدول في امور ومواقف سياسية اتخذتها وفق الدفاع عن مصالحها واستراتيجيتها السياسية وامنها القومي وتقرّبها من الغرب واميركا بالتحديد. غير ان التنديد بموقف مصر الاخير ضد قطر ليس له اي عذر حتى ولو كان هذا الموقف نابع من نوايا صافية بحتة من اجل تقارب الدول العربية مع بعضها البعض.
الوضع الحالي في المنطقة لا يحتمل معمعة المواقف السياسية، ولا يحتمل اطالة الازمات الامنية، ولا يحتمل المشي على حبال الفتن، ولا يحتمل اية اعتبارات لخاطر ومصالح اميركا او اوروبا فتلك الدول الاجنبية ليس لها اية مصلحة في منطقتنا الا ضعفنا وتقوية اسرائيل.
هذا التخبط في سياسة دول مجلس التعاون ولو حتى بسبب حسن النوايا لا يجوز، فالعدو الذي يعيث الفساد في ديارنا لا يستهدف اسرائيل، بل يستهدفنا نحن بجميع اطيافنا الدينية والمذهبية والعرقية، وهو ليس على الابواب بل داخل البيت. لذلك فقد آن الاوان لتحزم دول مجلس التعاون امرها والتعاون الحقيقي والفعلي مع كل دول المنطقة التي تريد فعلا لا قولا خلاصا من هذا الحطر الارهابي، بما فيها التعاون الجدي مع ايران للقضاء على آفة الارهاب التي بدأت تتآكلنا تدريجيا.
كما يجب على ايران بحكم موقعها الخليجي والاسلامي القيام بمبادرات حقيقية ومخلصة لتشجيع الدول العربية على التقرب والتفاهم والتعاون ومحاربة الفتنة المذهبية بالتنسيق التام، لان هذه الفتنة تقضي على الامم مهما استكبرت وعلا شأنها، بدليل تاريخنا الذي لم يعتبر منه احد غير الاعداء الذين يستغلونها لايقاذ هذه الفتنة كلما ارادوا الحصول على اغراض معيّنة من اوطاننا.
آن الاوان ان نصنع قراراتنا بانفسا من دون الرجوع الى نصائح ومصالح الولايات المتحدة الاميركية وغيرها من الدول.
وآن الاوان تحديدا لقطر ان تستغل ثرواتها وقدراتها لانقاذ الشعوب العربية من هذا الاتون المخيف الذي ان استمر بالحرق سيحرق بالنتيجة الجميع بمن فيهم الذين يوقدونه بعلم ام بغير علم.
سامي الشرقاوي