في
صميم اعتقادي بل ايماني ان الاسلام السياسي حالة لا تختلف عن الحالات السياسية الاخرى في بلادنا.
لربما
اختلفت في الشكل اما المضمون فهو واحد لا يتغير بالنسبة الى السياسة العامة المفروضة
على هذا الوطن الكبير.
سأشرح هذا لاحقا. لكنني لا استطيع الا ان اعرب عن اسفي اولا لما اقرأ وأسمع وأشاهد من تشويهات حقيقية للرسالة الاسلامية التي من أجلها بعث الله نبيه
محمداً.
ويؤسفني أكثر أن ارى تجنيدا فعليا لأشخاص يرتدون العمائم ويطلقون اللحى ويصدرون
الفتاوى باسم الاسلام، ويحاولون زجّ الاسلام في عمق التناحر السياسي القائم في بلادنا
العربية وحتى الامة الاسلامية من أقصاها الى أقصاها.
ويؤلمني
ويبكيني الانقياد الاعمى لهؤلاء.
كما
يحزنني ويشقيني هشاشة سياسة الرد عليهم من بعض المجنّدين من نفس الجهات ضدهم.
كلمة
حق لا يمكن الاعتراض عليها هي ان خاتم الانبياء كان رسولا ونبيا ونشرَ الدين الاسلامي
بالشكل الذي نشره بوحيٍ من الله جلّ جلاله. وانتهى الامر بأن نال رضا الله على ذلك.
بعد
ذلك نفّذ المسلمون سياسة الشورى لانتخاب الخلفاء الراشدين وامراء المؤمنين بعدهم، فاختلفوا الى درجة انهم خالفوا رسالة الله
ذاتها ..... وما زالوا
أحبّوا
السلطة على الايمان ..... وما
زالوا
تفرّقوا
شيعا واطيافا .............وما زالوا
سفكوا
الدماء والاموال والاعراض التي حرّمها الله
وما
زالوا.
لا
يمكن للدين في هذا العصر ان يحكم الوطن سياسيا.
فقد جرّبت الكنيسة ذلك (في العصر السابق الذي لم يكن بنفس التطور للعصر الحالي بل بداية له) في القارة الاوروبية
وفشلت فشلا ذريعا وراح ضحية تلك التجربة ملايين المسيحيين الابرياء.
واسرائيل
التي استغلّت الرسالة الدينية للتحكّم بالارض بنت عروشا واهية وهياكل ضاعت في
زوايا التاريخ. ومهما طغت وتجبّرت لن تستطيع ان تحقق الامان الذي تتوخّاه. لانها وبكل
بساطة تتسلح بالايمان المزيّف.
نفس
ذلك الايمان المزيّف تريد اسرائيل ان تصدّره للامة المسيحية والامة الاسلامية على السواء.
ويساعدها في هذا البرنامج الممنهج اجهزة المخابرات العالمية جميعها دون استثناء. من
الولايات المتحدة الاميركية الى جنوب افريقيا والصين وروسيا.
نحن
في بلادنا العربية بكل طوائفنا ومذاهبنا المختلفة، لا نستطيع ان نطبّق برنامجا تربويا
واحدا اساسه النظام الاجتماعي السليم الناقي الخالي من اية بنود طائفية او مذهبية.
ولا
نستطيع ان نبني جيوشا دفاعية تهدد اسرائيل بعديدها وعتادها.
ولا
يُسمح لنا باعداد برامج اقتصادية او مالية الا من ضمن شروط مسبقة يضعها لنا النظام
الاقتصادي العالمي.
وممنوعٌ
علينا ان نحارب اسرائيل لتحرير فلسطين.
ولا
يسمحون لنا ان نشتكي اذا ضربت اسرائيل اهلنا في غزة او في لبنان او سوريا او في اي
بقعة في الوطن الكبير.
هل
يستطيع الاسلام السياسي ان يحررنا من كل تلك القيود ويضع برنامجا وطنيا يوصلنا بالتدريج
الى تحرير فلسطين؟
أو
هل يستطيع ان يضع على الاقل برنامجا سياسيا ينشل الشعوب من حالة الفقر والعوز ويعيد
الاستقرار السياسي والاجتماعي والامني بشكل عادل متساوي وسليم؟
لا
اقول ان السياسيين الآخرين يستطيعون فعل ذلك لأن فشلهم هو الذي اوصلنا الى الحالة التي
تتخبّط فيها بلادنا اليوم.
لكنني
أنادي بالابتعاد عن زج الدين بالسياسة لانه انقى واطهر منها.
وأدعو
الى درجة دنيا من الاقتناع بأن ما يجري هو تدبير عدائي ضد الامة من صنع اعداء الامة.
والى
درجة دنيا من التفاهم بين الدول العربية على استقرار مبدأي بدون تداخل اجنبي.
والعمل
على تصحيح البرامج التربوية والعلمية والثقافية ليكون تمهيدا لتحسين الاوضاع السياسية
في البلاد ومن ثم تمكينها من بناء مؤسسات امنية وعسكرية تستطيع المحافظة على الامن
الداخلي والدفاع وصد اي عدوان خارجي.
ولا
اظن ان الصندوق المالي العربي لا يستطيع ان يسد تكاليف تلك الافكار المبدأية.
وهنا
يأتي السؤال تلقائياً: لماذا تعتمد حكوماتنا على صناديق النقد الدولية والمعونات والهبات
الاجنبية وهي تعرف تماما الشروط لذلك وخطورة تلك الشروط؟
ولماذا
لا تساعد الصناديق العربية والاسلامية بشكل بنّاء وشفّاف المجتمعات العربية والاسلامية للنهوض من هذه الكبوات السياسية الامنية الاقتصادية الاجتماعية القاتلة؟
ـضع هذه الاسئلة لكل نشطاء السياسة على السواء في العالم العربي والاسلامي.
فهل من اجابة منطقية؟
سامي
الشرقاوي
هناك تعليق واحد:
Thanks to topic
إرسال تعليق